في منتصف الشهر الماضي، ضرب نيشان ديرهاروتيونيان، رقماً قياسياً في نسب المشاهدة. حلقة «أنا هيك» («الجديد» ــ إشراف على الإعداد: طوني سمعان - إخراج: وليد ناصيف) التي طرحت موضوع خلع الحجاب، استطاعت إحداث ضجة كبيرة نظراً لحساسية هذه القضية إجتماعياً ودينياً. لكن الحديث مع الشابة إيمان سليم التي استضافتها الحلقة يومها، كونها خلعت الحجاب بعد 18 عاماً على إرتدائه، انتقل من كونها صاحبة تجربة في هذا المجال، الى إمرأة، تعرض أزماتها النفسية والإجتماعية من زواجها الخاطىء، إلى تخليها عن أطفالها طوعاً. هكذا ذهبت الحلقة الى اتجاه آخر، الى ما يشبه المحاكمة، أمام قاض، وبقيت قضية خلع الحجاب مجرد مادة للإستعراض من دون الوصول الى نقاش جدي فيها. هذا السيناريو، تكرر أمس، مع اختلافات بسيطة. تناول «أنا هيك» قضية تغيير الأديان، واستضاف مجموعة نماذج غيّرت أديانها، من المسيحية الى الإسلام والعكس. في الفقرة الأولى التي استمرت 45 دقيقة، حضر الشاب خضر أبو ديّة (26 عاماً)، الذي قرر تغيير ديانته من المذهب الشيعي الى الروم الأرثوذكس عندما كان يبلغ 18 عاماً. الفقرة، التي لامست قضية تغيير الديانة في دقائق قليلة منها، سرعان ما تحولت إلى حفلة «نشر غسيل» بين أبو ديّة ووالده المتبرىء منه، الحاضر في الاستديو. بين تعنيف والده لأمه، ورفضه تطليقها لأكثر من 10 سنوات، مروراً بتباهي الأب أي ابراهيم أبو دية، بممارسة العنف الأسري حتى على باقي زوجاته الأربع... كلام وجد فيه نيشان بداية «شأنا خاصاً»، قبل أن ينتفض لاحقاً بعد تكرار أبو ديّة قصة العنف، ونهر الأخير بأن الرجل لا يمدّ يده على زوجته. ولتكتمل الجلسة العائلية بكل تشوهاتها، بين الأب والابن، استضاف نيشان خطيبة الشاب رشا العسل الفتاة «الدرزية» التي ستتحول بدورها الى المسيحية، كرمى لزوجها المستقبلي. هنا، وقع تراشق كلامي بينها وبين الأب، على خلفية محاولة الأخير التشكيك بها وبعائلتها. هنا، تحوّل نيشان الى قاض، يفصل في أمور عائلية خاصة، لا مكان لها على شاشة التلفزيون. تغيير الديانة الذي يظهر هنا، كرد فعل قام به الشاب على ما اقترفه والده بحق أمه، كشاهد على عذابها، فتح بالتأكيد نقاشاً معمقاً كان يفترض أن يخاض، لشخص نقل من ضفة الى أخرى، مع تحمّله أعباء وتداعيات هذا العمل إجتماعياً. ولا يحضرنا هنا، سوى، ما قاله نيشان للأب، عندما سأله: «بصراحة، هل وطالك راسك ابنك لما عمل مسيحي؟». سؤال طرحه بعد شكوى الأب من التنمر الإجتماعي حول ابنه. سؤال يختزل السطحية التي تمتهنها عادة القنوات عند نقاش قضايا حساسة، إذ تظل أسيرة «الرايتينغ»، ويذهب الأخير أدراج الرياح.