بداية الشهر الحالي، شهد تاريخ إختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي من قنصلية بلاده في اسطنبول، وبدء الدفق غير المسبوق والتضارب في المعلومات بشأن مصيره. تطورات عدة شهدها هذا الملف، منذ 15 يوماً، في تدرّج أحداث هذا الإختفاء، وسط روايات لامست الخيال، وتعارضت مع المنطق. السعودية التي ما زالت تحت أنظار العالم، كحاملة لمسؤولية مصير أحد مواطنيها، تحاول «رتق» صورتها المهمشة سيما عالمياً، من خلال تحشيد بروباغندا ضخمة، تقودها أذرعها الإعلامية، وأيضاً أبواقها على الشاشات وعلى المنصات الإجتماعية، مقابل، حملة مضادة تقودها قطر و«الجزيرة» تحديداً، التي يبدو أنها حملت على عاتقها هذا الملف، يضاف إليها الإعلام التركي والغربي.


كمّ المعلومات والمقالات التي دوّنت بشأن مصير خاشقجي، واتهمت من خلالها المملكة بالضلوع في إغتيال الصحافي السعودي، وقابلها كمّ كبير من الكاريكاتورات. لغز إختفاء خاشقجي ألهم العديد من الرسامين والفنانين، ليعبروا بخطوطهم وألوانهم عن وجهة نظرهم في ما يحصل. جولة سريعة على أبرز ما رسمه هؤلاء، يتضح خط واحد يجمعهم: إدانتهم للمملكة ولإجرامها، وايضاً سخريتهم من وليّ عهدها محمد بن سلمان، وتظهير صورته الحقيقية كمجرم لا كرجل ينتهج مبدأ «الإصلاح».
الفنان البرازيلي كارلوس لطوف لم يتوان عن تظهير صورة المملكة وقنصليتها كمكان للقتل. إذ رسم خاشقجي مرمياً على الأرض ويحاول من في داخلها سحبه من داخل القنصلية، بقوة السيف فوق رأسه. أما الفنان الفلسطيني محمد سباعنة، فقد ركز بدوره على القنصلية، مصوّراً إياها كمركز لسفك الدماء، والقتل، تخرج منها عبارة «تَرَك القنصلية» (أي خاشقجي)، ثم يشير إلى سهم الى جانب القنصلية، بمعنى أن الصحافي السعودي أصبح في ملكوت الله. الفنان الأردني عماد حجاج، قارب أيضاً موضوع إختفاء خاشقجي، مركزاً على صورة ولي العهد السعودي، من دون أن يرسم ملامح وجهه، يرتدي عباءة يخرج منها أوراقاً متطايرة، وقلماً يتساقط، فيما يد خاشقجي تمتد من أسفل الصورة، كمن يرجو الرحمة.


ولعل رسمة الفنان الإيراني مانا نيستاني، كان الأشد قساوة وتعبيراً عما حدث. فقد جمع مجموعة آبار نفطية تخرج منها المادة السوداء، فيما يتوسطها خاشقجي (رمزياً)، راكعاً ومقطوع الرأس، وتخرج منه الدماء القانية. ومن الرسوم الأكثر إنتشاراً، كانت ما نشرته صحيفة «دير شبيغل» الألمانية، التي صوّرت القنصلية، على أنها ملجأ للقتلة وللسفاحين، عبر تجسيد 3 رجال يحمل احدهم، مسدساً وهراوة ومنشاراً. ومن الرسوم التي طالت أيضاً ولي العهد السعودي، وخدعة إصلاحه سيما ما يتعلق بالسماح للمرأة السعودية بالقيادة، رسمة الفنان الكندي مايكل دي أدر، التي نشرت في الصحيفة الكندية The Chronicle Herald. إذ صوّر امرأة تقود السيارة تعلوها عبارة كتبت بالإنكليزية: « أميرنا مصلح، سمح للمرأة في القيادة»، فيما يظهر خلف الصورة، رجلان ملثمان يحملان خاشقجي الى داخل السيارة وتسقط منه خوذة الصحافة وقلم وورقة للدلالة على أنه صحافي.