من يقرأ مقال «لوريان لو جور»، أمس الخميس، المعنونة بالفرنسية: «إهانة الذكاء اللبناني مستمرة: سُمح بـ«باري ماتش» بعدما جُزّر بها»، قد لا يهمه ما حلّ بالمجلات الفرنسية الأسبوعية التي قيل عنها إنّها مُنعت من قبل الأمن العام، نظراً إلى احتوائها على ملفات «الذكرى السبعين لنشوء الكيان العبري»، بل على الأكيد ما قد يلفت نظره، اللهجة المستخدمة من قبل الصحيفة الفرنكوفونية، وخلطها بين الدفاع عن حرية التعبير والنشر بوجه مقص الرقيب، وبين تذويب هذه الحريات بمستنقع التطبيع مع العدو الإسرائيلي.في هذا المقال المنشور تحت ترويسة «حريات»، حديث عن منع أعداد من مجلات «باري ماتش»، و«لو كورييه إنترناسيونال»، و«لوبسرفاتور»، و«لو بوان»، لاحتوائها «احتفالاً» بمرور سبعين عاماً على قيام «إسرائيل». الصحيفة اللبنانية الناطقة بالفرنسية، اعتبرت أنّ قرار المنع، «إهانة لذكاء اللبنانيين»، الذين يتمّتعون «بالنضج الكافي لكي يقرأوا بشكل نقدي المقالات المنشورة»، عدا عن أنّهم «قادرون بكل بساطة على اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي وتحميل أي مقال يريدونه بكبسة زر». هكذا، خُلطت المفاهيم هنا، بين أحقية محاربة الرقابة المسبقة وبين الضرب عرض الحائط بالمفاهيم الوطنية، واحترام القوانين التي تجرّم التطبيع مع العدو الإسرائيلي.
بعد تقصيها في كبريات المكتبات عن منع الأسبوعيات الفرنسية الأربع، تأكدت «لوريان لو جور» أن «لو كورييه إنترناسيونال»، و«لو بوان»، و«لوبسرفاتور»، لم تصل بعد، وأنّ أعداد «باري ماتش» بيعت أعدادها أوّل من أمس بعدما تعرّضت أوراقها المخصّصة لملف الاحتفاء بـ«دولة إسرائيل» لـ«التجزير». تخبرنا الصحيفة بأنّها تواصلت مع مصدر في الأمن العام بدا «مندهشاً»، وأكد أنّ «لو كرييه» وL 'obs، سُمح ببيعهما. أما «لو بوان»، فقد ارتأى الموزّع «حجبها لخوفه من منعها بسبب «الملف الإسرائيلي» داخلها». هكذا، بقيت «باري ماتش»، التي أكد المسؤول الأمني للصحيفة أنّها «أعطيت رخصة البيع»، بعد إزالة «محتوى يدعو إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل».
لا يقف الأمر هنا، بل تذهب «لوريان» بعيداً نحو تمييع القضية وإظهار أنّ القصة مبدئية، تتعلّق بحريات النشر والتعبير». فاختبأت وراء عبارة «مصدر»، لتتهم حزب الله بأنّه بفعل «سطوته» في البلاد، باتت الرقابة تمارس بشكل أكبر! وبحسب المصدر نفسه، «يشوّه» هذا الأمر «صورة لبنان» الذي يتمتع بحرية تعبير تميّزه عن باقي البلدان العربية.
ليس جديداً على الصحيفة الفرنكوفونية غرقها في «العشق الإسرائيلي»، فقد مجّدت سابقاً رئيس الوزراء السابق شمعون بيريز، بعيد وفاته، ووصفه بـ«آخر الأحياء من ضمن الجيل المؤسس للدولة العبرية»، بالإضافة إلى تحسّرها على كبير العملاء اللبنانيين، أنطوان لحد، وصولاً إلى ارتدائها اليوم لباس الحريات المختبئ تحت عباءة «إسرائيل».
أزيل الملف الخاص بذكرى «نشوء الدولة العبرية» من «باري ماتش»