ليس «أجدر» من كلود أبو ناضر هندي، في التعاطي مع الملفات الحسّاسة، سيّما تلك المتعلقة بالعدوّ الإسرائيلي وتهم العمالة. بعد حلقة «تحقيق» (mtv) عام 2014، قامت بتلميع صورة العميل زياد الحمصي، وتصويره كبطل ألصقت به التهم زوراً. والأسبوع الماضي، فتحت أبو ناضر ملف «الهاربين إلى إسرائيل»، ضمن سلسلة تتناول قانون العفو العام من «الإسلاميين»، وصولاً إلى «الطفّار»، وتجار المخدرات. لعلّ حلقة «بعد 18 سنة... الظلم مستمر»، تعدّ من أخطر الحلقات، كونها بنت سردية مخادعة، تلاعبت فيها على الجانب النفسي، بغية الاستعطاف، عدا عزلها عن مكوّنها السياسي والاجتماعي. بخبث واضح، أطّرت معدّة ومقدمة البرنامج، هذه القضية باختصارها بأنّ 7 الآف شخص «انخرطوا» ضمن «جيش لحد»، و«وصفوا بأنهم تعاملوا مع إسرائيل»، مع إغفال باقي التعريفات بجيش «لحد»، وفصائل أخرى تعاملت مع العدوّ، ونكلّت بأهاليها.
اللافت في هذه السردية، تكرارها ما قاله أمين عام «حزب الله»، بحق العملاء، بأن مصيرهم متوزع بين القتل والمحاكمة. استُغلّ هذا الكلام للإيهام بأن هروب هؤلاء إبان اندحار العدو عام 2000، كان بسبب «خوفهم» من هذا الكلام. استعانت الحلقة باستاذ القانون الدستوري والقانون الدولي أنطوان سعد، ليكرر بأن «نصر الله زرع الخوف» في نفوس هؤلاء الهاربين. اتكأت الحلقة على مشاهد أرشيفية، مشرّفة من تاريخ انتصار لبنان على «إسرائيل»، قبل 18 عاماً، لتستخدمه ضمن بروباغندا بث الخوف والرعب في نفوس بعض البلدات «المسيحية»، كما أكدت أبو ناضر مراراً.
شهادات عدة، قفزت الى الضوء، من بلدات: عين إبل، رميش، دبل.. استغلت «تحقيق»، قصصها وافتراقها عن ذويها، لتشتغل أكثر على مجال استثارة العواطف، من خلال الموسيقى، واستعادة الصور الأرشيفية، وتأثر أصحاب الشهادات. ورغم حساسية الملف المذكور، وتبعاته القضائية، والاجتماعية وحتى الثقافية، الا أن الحلقة حملت في طياتها مستوى عالياً من الخطورة، بتصويرها أولاً المقاومين على أنّه يخشى جانبهم، وهم هواة قتل وتجزير، وأيضاً، بهدف التقليل من شأن الفعل المقاوم الذي دحر أعتى الجيوش في العالم، من خلال حرف الأنظار الى قصة أخرى، خصصت لها أبو ناضر مساحة، الا وهي دخول الفلسطينيين الى البلدات المذكورة، وما سميّ وقتها بـ «فتح لاند». وقفت الإعلامية اللبنانية في قرية دبل، أمام أحد سكانها، وسألته بصفة التوكيد: «كان هدف الفلسطينيين يستوطنوا هون، يطردوكم لو ما قاومتوا»، لتخرج في نهاية المطاف بخلاصة أن «إسرائيل» اندحرت من الجنوب اللبناني، بفضل «ثبات» أهالي هذه البلدات في أراضيهم.


«تحقيق» كل أحد عند الساعة 18:50 على شاشة mtv .