يشغل تجهيز «العودة» لريان تابت (1983) فضاء «غاليري صفير زملر». يقودنا إلى ثماني واجهات غير متصلة تعرض صوراً ضخمة. ضوء أزرق منتشر يخيّم في فضاء المكان ويغمره. هو أزرق التّيه وانكسارات الأحلام لدى جيل المواجهة الذي ذهبت طموحاته وأحلامه سدى، يغلّف الأشخاص كما الأشياء ويغيّر مظهرهم، وسط الضباب. 8 فصول و8 صور مكبّرة لتغطية الجدران الثمانية للمعرض، و8 مراحل من التسلسل الزمني الذي يعيد بناء مسار «رأس الثور»، مع مجموعة من الصور، وقوائم جرد الحفريات، وتقارير الشرطة وفواتير البيع ووثائق الشحن واتفاقيات القروض والإقرارات الجمركية والمجلات ورسائل البريد الإلكتروني والوثائق المقدّمة إلى المحكمة العليا في نيويورك في إطار سلسلة من التحقيقات التي جرت بين عامي 2017 و2021. منذ ذلك الحين، أعيد التمثال إلى لبنان ويُعرض الآن في «متحف بيروت الوطني». يستمر التحقيق في مسائل الاسترداد والممتلكات والتراث الثقافي والهويات الوطنية التي تعتمد بحدّ ذاتها على الجغرافيا السياسية الإقليمية. يوفر تجهيز The Return فهماً لظروف الآثار في عصرنا، ثم تظهر الصور، فالنصوص. يكتشفها الزائر في المبنى الذي تمّ تجديده لمناسبة معرض ريان تابت الذي يحوي تكبيراً فوتوغرافياً لرأس الثور. تمثال رخامي يعود تاريخه إلى عام 360 قبل الميلاد، اكتشفه عالم الآثار الفرنسي موريس دونان المتخصّص في الشرق الأدنى القديم أثناء التنقيب في معبد أشمون في صيدا في تموز (يوليو) 1967. دُفن هذا التمثال لآلاف السنين ثم نُقل من صيدا إلى جبيل، واختفى لأكثر من ثلاثة عقود، وعاد إلى الظهور في كولورادو في الولايات المتحدة قبل أن «يتقاعد» في صالات العرض اليونانية والرومانية داخل «متحف متروبوليتان نيويورك للفنون». بعد مرور خمسين عاماً على ظهوره من جديد، رُفعت دعوى قضائية للحكم في ملكيّته الشرعية فوُضع في دائرة الضوء.كان الخلاف في هذه العملية القانونية ما إذا كانت الصور الأربع التي التقطها فريق دونان عام 1967 والصور الأربع الأخرى التي التُقطت عام 2017 من قبل مكتب المدعي العام في مانهاتن متساوية مع الموضع. يقتفي المعرض رحلة هذه القطعة الرخامية. بناءً على بحث واسع، يستكشف عمل ريان تابت العلاقة بين الماضي والحاضر من خلال القصص التي يعيد تنشيطها وتقدم فهماً بديلاً للمفاصل الاجتماعية والسياسية الكبرى. تقدم منشآته نفسها كإعادة بناء للسياقات التي يعاد النظر فيها. إنّها الحال أيضاً في The Return. لفهم الرهانات، من الضروري العودة إلى مقترحات تابت منذ عام 2016 ، عندما بدأ العمل الذي قدّم أداءً جيداً في مجال علم الآثار، وسيتم إضفاء الطابع الرسمي عليه بعد عام في سياق معرض قدّمه في Kunstverein في هامبورغ (2017-2018) ، ثم في «غاليري صفير-زملر» في بيروت (2018) وفي Carré d›art في نيم (2019) ، حيث يستكشف تابت الصلة بين القصص الصغيرة والحوادث الكبرى، ويخلط بين الروايات الرسمية وقصص شخصية.
اكتُشفت القطعة الرخامية في صيدا عام 1967، بعد شهر على الحرب العربية -الإسرائيلية


عنوان هذا المعرض يركز على مهمة أثرية قادها في مطلع القرن العشرين الدبلوماسي الألماني ماكس فون أوبنهايم في موقع تلّ حلف في شمال شرق سوريا. وفي إطاره شارك فائق بورخوش المُعيّن من قبل السلطات الإلزامية ليكون السكرتير الشخصي لفون أوبنهايم. تتمثل المهمة غير الرسمية في جمع المعلومات حول الحفريات التي أجريت في هذا الموقع. يحكي المعرض قصة سرقة الاكتشافات الأثرية التي تمّت في تل حلف في عام 1911-1912. ستشكل هذه القصة نقطة البداية في تحقيق أثري وجيوسياسي يطرح تساؤلات حول تراث الأسرة، والحفاظ على بقايا الآثار، والممارسات المتحفية التي ستثير بالطبع أسئلة موضوعية تتعلق بالملكيّة الثقافية.
كان العمل الذي طوّره تابت جزءاً من معرض «العوالم المنسية: من الإمبراطورية الحثية إلى الآراميين» في «متحف اللوفر» (2019)، ثم في «متحف متروبوليتان للفنون» في نيويورك (2019-2020)، قبل أن تستضيفه «مؤسسة الشارقة للفنون» (2021) في معرض «الجثث الرائعة» من مشروع Fragments.
«العودة» رحلة قطعة رخامية اكتُشفت في صيدا في تموز (يوليو )1967، بعد شهر من الحرب العربية -الإسرائيلية التي تشكل حدثاً رئيسياً في تاريخ الشرق الأوسط وجغرافيته السياسية. من هذه المنطقة وقت وقوع تلك الحرب، فرض حظر التجول، ما استدعى إطفاء مصادر الضوء، وكان التعرّض لغارات العدو الجوية محدوداً. ومن أجل التحايل على تلك الإجراءات، بدأ السكان يطلون نوافذ شققهم والمصابيح الأمامية لسياراتهم باللون الأزرق لوضوح أقل. وثمة إشارة إلى تلك الممارسات الجماعية للتخفي والمقاومة عن طريق إغراق مساحة المعرض باللون الأزرق. يشير تابت إلى السياق الجيوسياسي الذي تم فيه اكتشاف رأس الثور للمرة الأولى. ولهذه المناسبة، تمت تغطية نوافذ المعرض بغشاء أزرق شفاف. تتدلى مصابيح السيارة المعدّلة من السقف، لتضيء الفراغ من خلال المصابيح المطليّة باللون الأزرق. تركز السينوغرافيا على التجربة الغامرة. إنّه جزء من التاريخ، يعود في الوقت نفسه مع رأس الثور إلى مقدمة المسرح. «العودة» هي أيضاً عودة الزائر الذي يواجه من خلال التجربة الغامرة اللحظة التاريخية. لحظة يمكن من خلالها أيضاً قراءة الحوادث الجارية.

العودة»: حتى 16 آب (أغسطس) ـــ «غاليري صفير زملر» (الكرنتينا) ــ للاستعلام: 01/566550