كما في كل عام، تخبّئ صيدا أفراحها لتطلقها في ليالي رمضان. هكذا، تزدهر صيدا القديمة مجدّداً على حساب «نيو صيدا»، تجارياً وسياحياً وثقافياً، بخلاف السائد طوال العام. آلاف الزوّار يقصدون مقاهيها وأفرانها ومحالّ الفول والحلوى التي تفتح أبوابها حتى أذان الفجر. لكنّ مشهد الأزقة القديمة ومشربيّات البيوت الخشبية والحجر الرملي المرمّم، لا يكتمل إلا بالأمسيات الفنية التي تبث الروح بين السكان الفقراء.تتنوّع العروض الفنية والثقافية ضمن فعاليات «صيدا مدينة رمضانية» التي ترعاها البلدية. طوال شهر الصوم، يفتح «خان الإفرنج» أبوابه لمعارض «الحرفيين» و«حكاية الأزرق» و«حكايات صيدا زمان». وعلى خطٍّ موازٍ، تتوزّع الأمسيات بين معالم صيدا القديمة التراثية، من ساحتَيْ ضهر المير وباب السراي إلى «حمّام الجديد». وأبرز ما ميّز الأسبوع الأوّل، أمسية «في ذاكرتي» للفنانة أميمة الخليل والموسيقي زياد الأحمدية في «قصر دبانة». وفي «متحف الصابون»، استضافت «مؤسسة عودة الثقافية» عرضاً موسيقياً لفرقة «عود بلا حدود».
سلوى جرادات

كذلك، هناك أنشطة من تنظيم «مؤسسة الحريري للتنمية البشرية والمستدامة» وجمعية «الكشّاف المسلم في لبنان» و«مؤسسة الجيل للتنمية المستدامة» (حفلة «صبا الدمشقية» اليوم السبت في ساحة ضهر المير ــ س: 22:00).
أما «مؤسّسة شرقي للإنماء والابتكار الثقافي»، فتتحضّر لاستضافة سبعة مواعيد مختلفة في «حمّام الجديد» الذي شُيِّد في القرن الثامن عشر، ورمّمته المؤسسة وافتتحته عام 2020، بعد إهماله منذ إقفاله عام 1948.
بعدما افتُتح هذا الصرح قبل ثلاث سنوات بمعرض طوم يونغ ضمّ جداريات وثّقت مشاهد من الذاكرة الجماعية لأهل صيدا القديمة، أضاف الرسّام البريطاني إلى مجموعته القديمة 15 لوحة زيتية تحت عنوان Revival، تحاكي ليالي رمضان القديمة.
وبين لوحات يونغ، سيجلس الجمهور بدءاً من اليوم السبت، لمشاهدة عروض فنية في نهاية كل أسبوع، تحت عنوان «علّوا البيارق... غنّوا للعيد». الافتتاح الليلة مع «كورال الفيحاء الوطني» بقيادة المايسترو باركيف تاسلاكيان. أربعون مغنياً سيقدّمون أغنيات لبنانية وعربية «خالدة»، بتوزيع جديد.
وغداً الأحد، تقدّم فرقة «تجلّي صوفي»، المؤلّفة من زكريا العمر (غناء وعود) وطارق بشاشة (كلارينيت) وعبد الله جطل (إيقاع) وعلي الصباح (غيتار)، أمسية بعنوان «صدى»، تتضمّن كالعادة مقاطع أصليّة تمتزج مع روائع الشّعر الصّوفي التي تحمل توقيع أسماء بارزة كابن الفارض وجلال الدين الرومي ورابعة العدوية والحلّاج وغيرهم.
وفي السادس من نيسان (أبريل) الحالي، تحيي المغنية اللبنانية نادين حسن سهرة طربية بعنوان «افرح يا قلبي». ستؤدّي الفنانة أغنيات لأم كلثوم وأسمهان وليلى مراد، لكن بأسلوب جديد «مع الحفاظ على الروحية الأصلية»، وفق ما تقول لـ «الأخبار». ستغنّي حسن إلى جانب الموسيقيين: ضياء حمزة (بيانو)، وجاك اسطفان (كمان)، وأحمد الخطيب (إيقاع).
في اليوم التالي، سيكون الجمهور على موعد مع «مسلسل لبناني». وهو عرض ارتجالي لـ«هيديك الفرقة» الذي يتضمّن «كثيراً من الدراما والهزل والأكشن...». أحداث هذا «المسلسل» الذي يصفه القائمون عليه بـ«الساحر» ليست مترابطة إلى حدّ بعيد، ولكن غير متوقّعة في الوقت نفسه، من دون الإفصاح عن تفاصيل إضافية.
ليلة 14 نيسان، مخصّصة للشعر والحكاية من خلال «مقام الأنس» مع الشاعر حسن المقداد والحكواتية رجاء بشارة، على أن يتبعهما في اليوم التالي الفنان زياد الأحمدية برفقة كورال تحت عنوان «مكتوب». قبل المشاركة في مهرجان «سطوح الوصل» في «استديو لبن» البيروتي، أجرى الأحمدية تجارب أداء اختار في نهايتها 24 صوتاً جميلاً، وبدأ بتدريبها، لتشكّل كورالاً رافقه حتى الآن في ثلاث حفلات. في السهرة المنتظرة، سيقتصر العدد على 12 بسبب ضيق المكان، حيث سيقدّم هؤلاء المغنون أعمالاً قديمة وجديدة كلّها من ألحان زياد الذي سيؤدّي واحداً فقط بصوته بعنوان «صيف وشتي»، فيما سيعزف على عوده ويقود الكورال، بمرافقة أحمد الخطيب على الإيقاع، وضياء حمزة على الأكورديون والهارمونيكا، وشادي الأحمدية على البيانو.
أما المغنية الفلسطينية المقيمة في لبنان سلوى جرادات، فتلتقي الجمهور في الحفلة الأخيرة. على جدول سهرة «على بلد المحبوب» التي يرافقها فيها العازفون علي عبدو (تشيلّو) وجورج الشيخ (ناي) وبهاء ضو (إيقاع)، مختارات مرتبطة بأجواء رمضان من ريبيرتوار أم كلثوم وعبد الوهاب والشيخ إمام وكارم محمود وسيد درويش بالإضافة إلى موشّحات شهيرة، وهي: سماعي بياتي، «برضاك»، قصيدة «وحقك»، «إملالي الأقداح»، «منيتي عزّ اصطباري»، «على بلد المحبوب»، «تعال يا خيال»، «ذا الأهيف»، «بدت من الخدر»، «هوا صحيح»، «أنا أتوب عن حبّك»، «ملا الكاسات»، «أمانة عليك»، «يمرّ عجباً»، «مضناك»، «زوروني» و«الرضا والنور».
في حديث مع «الأخبار»، يقول رئيس مؤسسة «شرقي»، سعيد باشو، إنّ «تكثيف الأنشطة في «حمّام الجديد» خلال رمضان، يتناغم مع روحية صيدا الرمضانية التي تشهد ازدهاراً إضافياً خلال هذا الشهر». لكن بما أنّه يجب ألا تزدهر المدينة لشهر واحد فقط، «نحرص على توزيع الأنشطة الثقافية والفنية على مدار العام». ويقرّ باشو بأنّ بثّ الروح الثقافية في صيدا القديمة مكلف في ظل الظروف الراهنة، فـ«غالبية المعالم السياحية تقفل أبوابها ليلاً. لكنّنا أصررنا على فتحها يومياً، ليس فقط بالتزامن مع الأمسيات»، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّه «نسعى لتثبيت صيدا مدينة مفتوحة للفن والثقافة على مدار العام».

أمسيات «علّوا البيارق... غنّوا للعيد»: من اليوم السبت وحتى الأحد 16 نيسان (أبريل) الحالي، ــ الساعة العاشرة مساءً ــ «حمّام الجديد» (صيدا القديمة ــ جنوب لبنان). للاستعلام: 81/282848