توفي يوم الثلاثاء المستعرب الإسباني بيدرو مارتينيز مونتافيز (1933 ـــ 2023) الذي كان جلُّ نشاطه منكَبّاً على الفكر والآداب العربيَّين المعاصرَين، كما كان أوَّل رئيس ينتَخب ديموقراطياً لـ «جامعة مدريد المستقلَّة» (Universidad Autónoma de Madrid)، بعد حقبة الاستبداد الفْرَانْكَوِي، وبعدما كانَ فيها «أستاذ كرسيّ للدراسات العربيَّة المعاصرة»، بفضل خبرته في العالم العربي-الإسلامي المعاصِر، معرفةً وتأليفاً. سلك بيدرو مارتينيز مونتافيز مساراً دراسياً ومهنياً متميزاً، ساعده في تبوّء مكانة خاصَّة بين المستشرقين الغربيين: حصل على دبلوم في الفيلولوجيا (فقه اللُّغة)، وعيِّن مديراً لـ «المركز الثقافي الهيسبانيكي» (المسمَّى حالياً معهد ثرفانتس) في القاهرة بين عامَي 1958 و1962، وكان يشغل في الفترة نفسها إدارة شعبة اللغة والآداب الإسبانيَّة في كلِّيَّة الألسُن التابعة لـ «جامعة عين شمس». حصل على دكتوراه في فيلولوجيا اللغات السامية من «جامعة كومبلوتونس» (Complutense) في مدريد، حيثُ دَرَّسَ بين عامَي 1962 و1969، ليتقلَّد بعدها كرسيَّ تاريخ الإسلام في «جامعة إشبيلية» لعامَي 1970 و1971، لينتهي به المطاف في «جامعة مدريد المستقلَّة»، أستاذاً، فنائباً للعميد، فرئيساً، من دون أن يتخلَّى عن مهام التدريس كرئيس لشعبة اللغة والآداب العربيَّين والإسلام ورئاسة معهد الدراسات الشرقيَّة والأفريقيَّة. حصل على الدكتوراه الشرفيَّة من جامعات «خايين»، و«آليكانتي» و«غرناطة».يرجع إليه الفضل في إخراج الاستشراق الإسباني من تقوقعه في الإرث الأندلسي والعربي في إسبانيا والاهتمام فقط بالحقبة الكلاسيكيَّة، إلى مجال أرحب وأحدث يشمل كل الفكر والآداب العربيَّين المعاصرَيْن.
لعب بيدرو مارتينيز مونتافيز دوراً حاسماً في تعريف الجمهور الناطق باللغة الإسبانية بالمؤلفين المعاصرين، أمثال نجيب محفوظ، ونزار قباني، ومحمود درويش، وفدوى طوقان، وسعدي يوسف، وصلاح عبد الصبور، والسيّاب، والبياتي، وأدونيس وآخرين. ومن مؤلَّفاته وترجماته: «الشعر العربي المعاصر» (1958)، «قصائد حب عربية: مختارات من نزار قباني» (1965)، «شعراء المقاومة الفلسطينيَّة» (1974)، «مدخل إلى الأدب العربي الحديث» (1974، 1994)، «لمحة عن قادِسْ الإسبانيَّة-العربيَّة» (1974)، «مقالات هامشية في العروبة» (1977)، «استكشافات في الأدب العربي الجديد» (1977)، «القصيدة فلسطينيَّة: فلسطين في الشعر العربي المعاصر» (منتخبات، 1980)، «مدخل إلى الأدب العربي الحديث» (1985)، «العرب والبحر الأبيض المتوسط» (1999)، «الأدب العربي اليوم» (1987)، «تحدي الإسلام» (1997)، «الأندلس، إسبانيا، في الأدب العربي الحديث» (1992)، «العالم العربي ومنعطَف القرن» (2004)، و«غرور غربي، عيوب عربية» (2008)، و«دلالة ورمزيَّة الأندلس» (2011).
طوال حياته المهنية، كان عضواً في العديد من اللجان العلمية والثقافية وأسهم في منابر إعلاميَّة مختلفة. كان عضواً في مجمع اللغة العربية في عمان، ورئيساً لـ «جمعية أصدقاء الشعب الفلسطيني»، ولـ «جمعية الصداقة العربية الإسبانية»، ولـ «الجمعية الإسبانية للدراسات العربية»، وعضواً فخرياً في الحلقة المشتركة بين الثقافتين العربية والإسبانية. كما كان عضواً في المجلس الاستشاري لـ «البيت العربي».
حصل على العديد من الجوائز ، بما في ذلك جائزة التضامن مع العالم العربي التي تمنحها «جمعية الصحافيين العرب» في إسبانيا، وجائزة الجمعية الإسبانية الفلسطينية «القدس»، و«جائزة الشيخ زايد كشخصية ثقافية للعام 2008». كما حصل على الميدالية الذهبية للأندلس من حكومة إقليم الأندلس. في عام 2014، حصل على جائزة اتحاد الكتاب الفلسطينيين.
كُرِّسَ ابناً باراً لِخُودَارْ، مسقط رأسه، منذ عام 1983، بإجماع المجلس البلدي للمدينة. الشارِعُ حيثُ بيتُ ولادته، الَّذي كان اسمه القديم Vistahermosa، يحمل اسمَه منذ عام 1987، كذلك الحال بالنسبة إلى مدرسة Aula Magna التابعة لمدرسة Juan López Morillas الثانوية في Jódar. بفضل جمعية Saudar الثقافية، عرف مواطنوه مساره، باعتبارها أول كيان محلي يقدم له تكريماً معترفاً به من خلال تسميته عضواً فخرياً في الجمعية نفسها عام 1983.