أصدرت مغنّية الروك الفلسطينية رشا نحاس أخيراً ألبوماً جديداً تحت عنوان «أمرات» (بمعنى أحياناً)، وهو عملها الثاني بعد «صحراء» (Desert – 2021). الموسيقية التي نشأت في حيفا وتتّخذ من برلين مقرّاً لها، تقصّدت تسمية إصدارها الجديد باللغة العربية بعدما كان سابقاً بالإنكليزية، تعبيراً عن تعلّقها بموطنها الأمّ وتأكيداً على هويتها الفلسطينية. «يجتاز الألبوم الحدود بين الشرق والغرب، لكن هناك أيضاً مسافات بينهما» تقول الفنّانة الشابّة، مضيفةً بأنّ هذه المسافات «فيها عنصر من الحرّية وتتدفّق جميعاً عبر ألحان «أمرات» ورواياته». لذا، تجول أغاني الألبوم على مروحة من الأنواع، ولو أنّ الأخيرة متناغمة نظراً إلى قرب بعضها من الآخر، فتمزج بين الروك الكلاسيكي والـ«دريم بوب» (dream pop) والـ«إيندي» (indie) و«الروك البديل» (alternative) وحتى الـ«شوغايز» (shoegaze)، وتضيف عناصر شرقية وغربية، تقليدية وإلكترونية، آلاتيّة وصوتية.

يتضمّن العمل 12 أغنية كتبتها ولحّنتها نحاس كلّها، باستثناء أغنيتَي «طيور» و«رياح الجنوب» التي تشاركت في إعدادهما مع المغنيتَين المصرية دينا الوديدي والفلسطينية تيريز سليمان على التوالي. الجزء الأول من العمل، ألّفته نحاس التي تعزف على آلات متعدّدة، أثناء فترة الحجر الصحي إبان انتشار «كورونا»، وكانت في حينه تعاني من إصابة في يدها ما حال دون قدرتها على العزف على الغيتار، فوضعته جانباً وقرّرت «استكشاف» الأصوات الإلكترونية واختبارها، وإذا بها تضيفها إلى أغانيها وتمزجها مع الغيتار بعد شفائها، ما أنتج صوتاً خاصاً بها أعطى الألبوم رونقه. أمّا الجزء الثاني، فيتمحور بشكل خاصّ حول التوق إلى الموطن الأمّ والاشتياق إلى العائلة والطبيعة المتوسطية في مدينة «بعيدة» مثل برلين، فتوظّف رشا نحاس ألحانها كما تفعل بكلماتها لترجمة المشاعر التي تريد إيصالها إلى الجمهور عبر الموسيقى.
صُوّر فيديو الأغنية التي تحمل عنوان الألبوم في حيفا قرب أماكن تعتبرها رشا نحاس الأقرب إلى قلبها. ««أمرات» ترمز إلى خيار التمسك ببقاء الأمور كما هي قبل تغيرها الحتمي أو إفلاتها من أيدينا» تقول نحاس، مضيفةً «إنها أغنية عن حالات الوجود المختلفة وعن تناقض الحياة».
ألبوم «أمرات» ونوع الموسيقى الذي يتضمّنه، ربّما ليسا للجميع. لكنّهما يأخذان المستمع في رحلة إلى زمان ومكان آخرَين، حيث تتقصّد رشا نحاس تعريف الجميع على موطنها ومشاعرها تجاهه وتجاه ابتعادها عنه وتغرّبها في مدينة وبلد آخرَين و«النوستالجيا» التي ترافق ذلك، فقط عبر الموسيقى، بشقّيها: الكلمات والألحان. أغاني «أمرات» ليست من النوع التي تُسمع كلّ يوم، لكنّ ذلك ليس أمراً سيّئاً. على العكس، هذه الأغاني لها وقتها ومزاجها و«قعدتها» التي تزيد من قوّة الألبوم وقدرته في أن يُثمر مشاعرَ على امتداد طيفها.