إنها مشاركة «دار-المجمع الإبداعي» الثانية في «معرض بيروت العربي والدولي للكتاب» هذا العام. هذا الأمر ليس هيناً في عمر الدار القصير نسبياً، مقارنةً بعدد كتبه حتى اللحظة (قرابة 26) وعمره القصير (سبع سنوات تقريباً). هذه السنوات أمضى منها «دار» أربع سنوات بعيداً عن المعارض لتوقفها القسري جرّاء أزمة كورونا. بدأت مبادرة «دار» الثقافية مع تهاني نصّار التي تشغل منصب محاضِرة في التواصل والميديا في «الجامعة اللبنانية الدولية» وتدير المشروع، ومدرّب الكتابة الإبداعية الزميل عبد الرحمن جاسم الذي يتولّى تدريب طلاب «ورشة الكتاب الإبداعية» التي تتأتى في ثلاثة مستويات، كل مستوى يأتي على تسعة أشهرٍ تقريباً؛ مما يجعله أشبه بتخصصٍ جامعي في الكتابة.«هذا المرّة لدينا أربعة كتبٍ دفعةً واحدة، باء البدايات» لخريجي الجيل الخامس من المستوى الأوّل، «سوبرانو كاتبات» لخريجي الجيل الرابع المستوى الثاني، «بين دافنشي والضاحية الجنوبية» لخريجي الجيل الثالث المستوى الأوّل. والمفاجأة التي نتركها للقرّاء هي المجموعة القصصية «تسعُ أمنياتٍ لم تتحقق» ولن نتحدّث عنها الكثير سوى أنّها فعلياً ستكون مفاجأة الدار لهذا المعرض» تخبرنا مدير «دار» تهاني نصّار. ماذا إذا عن تحضيراتهم لهذا العام، خصوصاً أنهم كانوا قد شاركوا في دورة معرض الكتاب التي أقيمت في آذار (مارس) الماضي؟ «للحقيقة كنا قد حضّرنا أكثر من كتاب، وتحديداً روايات، كي تصدر، لكن الوقت كما الظروف لم تسعفنا، خصوصاً مع انتقال مقر «دار» من الضاحية إلى شارع الحمرا في بيروت. طبعاً تغيير المكان هو أمر لوجستي بحت، لكنه أخذ من وقتنا قرابة ثلاثة أشهر حتى استقرارنا. لذلك تأخرت الروايات عن الصدور» تؤكد نصّار. نسأل عن عدد الروايات التي كان من المرجح صدورها، فتجيبنا: «للحقيقة كان لدينا أربع روايات، بعضها قد فرغ الكتّاب من انتاجها مثل «لا مزيد من الماء لعينَي» لجيهان حمّود من الجيل الثالث، ورواية «ناجية» لبشرى زهوة التي لاتزال في مرحلة الكتابة، لكنها أيضاً شارفت على الانتهاء، وبعض الأعمال الأخرى التي كان من الممكن أن تبصر النور في هذا المعرض». لكن المفاجأة التي تشير إليها نصّار والتي قد تعتبر مهمةً، هي الجزء الثاني من رواية «بريتيوم»: «بصراحة، منذ البداية كنا نحضّر لجزءٍ ثانٍ من رواية «بريتيوم». نعلم بأنَّ الرواية قد نالت نصيبها الجميل والوافر من المعجبين، لذلك نعدهم بأن جزءاً ثانٍ من الرواية يتم حالياً العمل عليه والتحضير له على قدم وساق».
تأتي كتب «دار-المجمع الإبداعي» الأربعة بمثابة عملٍ شاق يقوم به المشرفون على هذه المؤسسة الصغيرة نسبياً، والتي لا تتلقى أي تمويل خارجي: «كثيرون يعودون ليسألوا كل عام السؤال التقليدي/ الكليشيه نفسه: من أين تمويلكم، للحقيقة لا تمويل خارجياً، ليس هناك من مال إلا ما ينتجه «دار». نحن لا نأخذ أي معونات أو مساعدات أو تمويل من أي نوع. هذا كان أمراً أساسياً وضرورياً لنمونا بشكلٍ مستقل. إنّ أي ممول سيرغب ويريد أن يفرض شروطه على متدربينا وانتاجاتنا بشكلٍ أو بآخر، لذلك آثرنا ألا نتلقى فلساً من أحد»، تشير نصّار. إذاً ماذا عن الكتب لهذا العام: «باء البدايات» مجموعةٌ قصصية، وهذا النوع من الإنتاجات هو بمثابة «مشروع تخرّج» لطلابنا الذين أنهوا المستوى الأوّل؛ يجتمع فيه الخريجون ويكون بمثابة إنطلاقةٍ لهم. وهناك «سوبرانو كاتبات» وهو الكتاب الثاني لمؤلفاته زهراء سويدان، رجاء وهبي، سارة الشامي، وراغدة حمية وجميعهن من الجيل الرابع بمستواه الثاني، أي سنتهن الدراسية الثانية في الدار. هذا الكتاب وكما هو واضحٌ من عنوانه، فالسوبرانو هو أعلى صوت أنثوي في الأوبرا، بالتالي إن لدى هؤلاء الكاتبات صوتاً جميلاً مرتفعاً قوياً يردن قول شيءٍ مفيد به؛ وهذا ما يحمله الكتاب في طياته، وهو كذلك مجموعةٌ قصصية. كتاب «بين دافنشي والضاحية الجنوبية» هو تجربةٌ جديدة، أردنا من خلالها أن نعيد طباعة كتاب «أنا أسكن ضاحية بيروت الجنوبية» وهو أحد كتبنا الأكثر مبيعاً على فكرة، لأن طبعته الأولى قد نفدت، فآثرنا ألا نفعل ذلك وحيداً وبنمط كلاسيكي، فمزجنا التجربتين السابقتين سوياً: كتاب الضاحية وكتاب «دافنشي لا يجيد الكتابة» (كلاهما لخريجّي الجيل الثالث -المستوى الأوّل). بالتأكيد هي تجربة وهذا دأب «دار-المجمع الإبداعي» في التجريب. وتضيف نصار: «أما الكتاب الأخير «تسعُ أمنياتٍ لم تتحقق»، فسأتركه كما أشرت مفاجأة وكل ما يمكنني القول حوله إنّه يحكي عن الأمنيات التي لم تتحقق لأبطاله، وهو من مشاريع الدار الخاصة التي سيصار إلى انتاج مثلها كل عام وتجمع بين مختلف متدربي ورشة الكتابة الإبداعية من جميع المستويات أحياناً، أو من المستوى نفسه كما حدث في هذا الكتاب».
مشاركة «دار-المجمع الإبداعي» الثانية كدارٍ مستقلة في «معرض بيروت العربي والدولي للكتاب»، تعد من خلالها بالكثير، هذه التجربة التي بدأت من مقرٍ صغيرٍ في ضاحية بيروت الجنوبية إلى مقرٍ أوسع في الحمرا، ومن خلال كتابٍ وحيد «بندقية تشيكوف» إلى 26 عنواناً في المعرض الحالي: «وهذا مدعاةٌ للفخر، دون شك» تختم نصّار.