قليلةٌ هي معارض الفنون في بيروت هذه الأيّام. قد يرى كثيرون بأنَّ الفن ترف بالنسبة إلى مجتمع غارق في مشكلاته اليومية. لكن هذا غير صحيحٍ، فأي محاولة لإيجاد حلول للأزمة يتطلب عقلاً هادئاً، وروحاً ما زالت قادرة على الحلم. من هنا يأتي «معرض الفن العربي» بدورته الثانية، ليكون بمثابة كوة ضوء في محاولةٍ دؤوبة من قبل مديره وصاحب فكرته فرحات فرحات. «أقيم «معرض الفن العربي» بدورته الأولى عام 2019 في فندق «مونرو» في وسط بيروت. كنا نريد ـــ بحسب خطتنا السابقة ــــ أن نقدّم دورة ثانية عام 2020، لكن أزمة كورونا وما رافقها حالت دون ذلك. وها نحن ننظّم الدورة الثانية بعد انقطاع ثلاث سنوات» يقول الشاب اللبناني المتحمّس، قبل أن يضيف: «عام 2019، شارك معنا خمسون فناناً مستقلاً، فيما شارك ثلاثون فناناً منضوياً ضمن غاليريات فنّية؛ أي ما مجموعه ثمانين فناناً جاؤوا من ثماني دول، من بينها سبع دول عربية هي لبنان، سوريا، العراق، السعودية، قطر، المغرب، الإمارات ودولة أوروبية واحدة هي بلجيكا. هذه هي أهمية معرضنا». ماذا إذاً عن ماهية الدورة الحالية؟ يجيبنا: «معارض الفنون في العالم تجمع عادةً غاليريات فنية. هنا نتحدّث عن أربعة أنواع من الفنون لا الرسم فقط: النحت والتصوير والكاليغرافيا (فن الخط). وهذه الفنون متصلة ببعضها». اليوم، بات المعرض أكثر نضجاً، واتسعت المشاركة: «لدينا فنانون من مختلف الأقطار العربية ونتعاون مع الغاليريات الفنية والفنانين. وبالتأكيد دعونا وزارات الثقافة العربية، وسيحضر بعضهم افتتاح المعرض. منذ عام 2019، تعاونا مع وزارة الثقافة اللبنانية وكان المعرض تحت رعايتها الرسمية، لأن وزارات الثقافة قائمة على تطوير الشأن الثقافي في الدولة، بالتالي يهمنا حتماً أن نتعاون مع الجهة الرسمية التي تطوّر الثقافة. في الإطار عينه، تعاونا مع عدد من النقابات الفنية في لبنان وخارجه كسوريا والعراق ومصر. واليوم نكرر ذلك، إذ أننا مهتمون باستقطاب أوسع مشاركة ضمن ضوابطنا الخاصة» يؤكد مدير المعرض.
ماذا عن أهداف المعرض الفعلية؟ «هدفه إعادة توجيه الناس نحو الفنون، والتركيز على أهميتها في حياة الأفراد. أن يخرج الفن من عباءة طبقة محددة معينة، ليصبح لكلّ الناس وليس حكراً فقط على المقتني الثري. نركّز مثلاً أن تكون معظم الأعمال الفنية المشاركة في المعرض ذات أسعار مقبولة تناسب الطبقات الشعبية. يمكن أن تجد أعمالاً بأسعار مقبولة كـ 500 دولار أو ألف دولار. وهو سعر طبيعي إن لم نقل متدنياً بالنسبة إلى لوحة أصلية من فنانٍ بذل جهداً كبيراً لتقديم عمل خاص وشخصي للمقتني». ويشير فرحات هنا إلى «أنّنا نحمي المستهلك الفني، ذلك أنَّ هذا العمل يتحوّل إلى نسخة خاصة، يزيد سعرها، وتصبح أهم من الأموال في المصرف. لذا، فشعار المعرض هذا العام هو «استثمر في الفن»».
في المحصلة، تكاد تكون معارض الفن متشابهة، لكن ما يتميّز به «معرض الفن العربي» هو ربطه الفن والأكاديميا والثقافة من خلال محاضرات ومناقشات عن الفن والإعلام، والفن والجسد، والفن والأسواق وكيفية اقتناء أعمال مهمّة. اختيار الأعمال المعروضة تتولاه لجنة خبراء في الفن مكونة من التشكيلي السوري المعروف سعد يكن، ونقيب الفنانين التشكيليين في لبنان نزار ضاهر، والمصري محمد طلعت، وهو مستشار فنّي لعدد من المتاحف والدور الفنية العالمية، وكذلك صاحب غاليري «مصر» في القاهرة.
يأتي توقيت المعرض في وقتٍ مثالي، إذ سيكون الأهالي قد انتهوا من زحمة المدارس. علماً أنّه تتولى الإشراف على المعرض شركة educity التي أسسها فرحات. يوضح الأخير: «الشركة مختصة في تنظيم المعارض والمؤتمرات. تأسست عام 2013، لتنظم عدداً من المعارض والمؤتمرات في بيروت. الشركة ذات خلفية تربوية وبتنا نتوسع في الأمور المتعلقة بالتربية والفنون و«معرض الفن العربي» من الفعاليات التي ننظّمها».

* «معرض الفن العربي»: بدءاً من 3 حتى 6 تشرين الثاني (نوفمبر) من الثالثة مساءً حتى التاسعة ليلاً ــ «زيتونة باي» (واجهة بيروت البحرية)