بعد روايتها «صراخ الطابق السفلي» (دار النهضة ــ بيروت)، صدرت في تونس رواية جديدة للكاتبة الليبية فاطمة سالم الحاجي عن دار «خريف» بعنوان «رحيل آريس». هذه الرواية تلتقط مناخات الحرب وبشاعتها خلال عشرية كاملة من الدمار تحوّلت فيها ليبيا إلى ساحة حرب عبثية بين الإخوة تغذّيها نزاعات الدول الأجنبية وتضارب مصالحها.
في حبكة روائية فيها الكثير من التخييل، نتتبّع حكايات الشخصية المركزية «موسى» وبين تفاصيل الحكايات التي تصوّر مناخات الحرب والقتل والدمار، نقرأ المحنة الشخصية للكاتبة التي فقدت وطنها الذي تحاول استرجاعه عبر الكتابة: «ماهي بلادي الآن؟ هي دول متوالية؛ وتاريخ؛ سلالات سمر وشقر؛ وأعراق مختلطة؛ مسمّيات لأسر تركت ملامحها شاهدة ورسومات متناهية القدم في أغوار الجبال؛ المومياء الأولى في الكون تسكن صحرائي؛ أزمنة وعصور قادمة أفواجاً من لهيب الصحراء؛ وأخرى من وراء البحار؛ وأديان من الشرق والغرب تدعو إلى ترانيم عظيمة في تضادها».
وفي الرواية عشرة فصول اختارت لكلّ منها عنوان: سفر الضباب؛ فيافي الأحلام المتيبّسة؛ سرّ الغريبة؛ نزيف الروح والجسد؛ رحلة الأسرار الكبرى؛ الرفيق العدو؛ الرحيل إلى المجهول؛ حلم الدولة؛ صدمة النقد؛ سرّ الصندوق.
عبر هذه الفصول، نقرأ تفاصيل المحنة الليبية ونزيف الدم المتواصل منذ عشر سنوات وجرائم المتشدّدين وتجارة بيع الأطراف بعد إقامة الحدّ وبين حكايات «موسى» ومأساة «حور» نقرأ مأساة ليبيا الجريحة «لعن الله الحرب التي جعلت من هذه الجميلة آلة للدم؛ والألم ومتاجرة في أطراف البشر؛ وحفارة قبور».
ففي «رحيل آريس» (آريس إله الحرب عند اليونان)، تتداخل المأساة الشخصية لفاطمة سالم الحاجي التي وجدت نفسها لاجئة في تونس ثم تركيا بعدما فقدت زوجها وابنها مع مأساة وطن أصبح ينأى كل يوم على حدّ عبارة الكتابة وهي رواية تختزل المأساة الليبية ومحنة شعبها.
واللافت في الرواية أنّ صاحبتها تدين الجميع ولا تنتصر لطرف ولا تمجّد أي جهة سياسية سواء نظام الفاتح ولا من جاؤوا إلى الحكم بعد ما يعرف بـ «فبراير» أنّها صرخة ضد الحرب والدمار والقتل.