وسط الانهيارات المتلاحقة منذ عامين، لا تزال الفضاءات الفنية والمسرحية تحاول إيجاد توازن صعب للاستمرار والصمود، وعدم الاستسلام لموت المدينة. يتابع «مترو المدينة» خلق مشهده الثقافي الخاص في المشهد البيروتي العام، فينوّع أعماله بين عروض مسرحية، وعروض مسرح الكباريه، والحفلات الموسيقية وغيرها. «الفوازير» عرض انضمّ أخيراً إلى روزنامة المترو، وهو عبارة عن مدلي موسيقي يجمع بين أغنيات لبنانية ومصرية قديمة، مع قسم تفاعلي بين الفرقة الموسيقية والجمهور. إذ يحزّر أحد أعضاء الفرقة الجمهور عن اسم الأغنية عبر إسماعه لحنها، وإعطاء بعض المعلومات عنها كاسم الملحّن والمغني. وهذا كان التفصيل الأول الذي يدعو الجمهور بشكل مباشر إلى رحلة عبر الذاكرة، محاولاً تذكر أسماء هذه الأغاني القديمة، التي تم اختيارها من حقبات مختلفة من بداية ازدهار الموسيقى العربية في بداية القرن الماضي كأغنيات «فنان الشعب» عمر الزعني، ومن الستينيات والسبعينيات مع أغنيات الياس الرحباني وغيرها. يساعد الجو العام للعرض في بناء هذه الرحلة بدءاً من الإضاءة الخافتة، وملابس أعضاء الفرقة (ياسمينة فايد: غناء، زياد الأحمدية: غناء وعود، نور حمزة: هارمونيكا وكيبورد، أيمن سليمان: درامز، أحمد الخطيب: رق، علي قنبر: كلارينيت) التي تنوّعت باختلاف الأغنيات وحقباتها الزمنية، إضافة إلى المشاهد التمثيلية الكوميدية خفيفة الظل، التي يؤديها المغنون، إذ يُعيدون إحياء مشاهد عدة من مسرحيات وأفلام ومسلسلات لبنانية ومصرية قديمة. فقد اجتمعت كل عناصر العرض من أجواء المكان إلى الإضاءة والأغنيات وطبيعة أدائها من أجل خلق عالم مختلف ينقل الجمهور إلى الماضي، ويأخذه في رحلة بين حقب زمنية كانت حبلى بثراء ثقافي وفني. يُحافظ هذا الطرح على علاقة مع الجمهور، كأنه يحافظ على وجه من أوجه بيروت وسط كل ما تعيشه المدينة من موت وانهيار يكاد يقضي على الميزة الأهم التي أوجدتها لنفسها عبر التاريخ، بصفتها عاصمة ثقافية وفنية وفكرية مفتوحة على العالم.

«فوازير»: س:21: مساء اليوم والخميس 9 حزيران (يونيو) ــــ «مترو المدينة» (الحمرا) ــ للاستعلام: 76/309363