بِيَأسي؟ بحُلْمي؟ أم بماذا سأُكْمِلُسِنيني مع الأضدادِ والصّبرِ تَرحَلُ

فأصعَدُ مِنْ شَوقي إلى الشيءِ ضاحكاً
وفوق جَناحَيْ مارِدِ القمعِ... أنزِلُ

أنا قِصتي تُروَى، فروحي تَبدّدَتْ
وآلامُها... مِنْ غامضٍ تَتَسلّلُ

وجسْمي كأنّ الرّملَ صاحبُهُ.. فلا
سَرابٌ بَدَا... إلّا بكَفّيهِ يَنهَلُ !

وَبُؤسُ بلادي ...يا بلادي أحَالَني
لِخاطِرةٌ تَكْوِي... وأُخرى تُزلْزِلُ

لِتُقْعِدَني في الصمتُ نَزعةُ زاهِدٍ
فأعجزُ عن بابٍ... إذا البابُ مُقفَلُ

وثمّةَ في أغوارِ ظَنّي تَوَجُّسٌ
منَ الخطرِ المَبْعوثِ منْ حيثُ أجْهَلُ

أنا حَذَرُ المَاشي على حَبْلِ شَنْقِهِ
يُتمتمُ آياتٍ... وسِفْراً يرَتِّلُ

أنا فاقدٌ ذاكَ الأمانَ الذي بهِ
يُرَتّبُ غيري أمرَهُ... ويُهَلِّلُ

وأشعُرُ أني ساحبٌ ذَيلَ غُربةٍ
أُؤخّرُها... لكنها هِيَ أوَّلُ

أكُلُّ رفاقي هكذا... أم تَخُصُّني
الهمومُ... فأسعى والخَيَالُ مُعَطَّلُ؟

وما كنتُ في يومٍ مضى... ذا كآبةٍ
ولا كان لي قلبٌ ضعيفٌ مُكبَّلُ

أنا فَجْرُ نفسي حين تُعْتِمُ حالتي
وأغلى نجومِ السّعْدِ بالحبّ أُشْعِلُ

فكيف أتاني سارقُ الحُلْمِ بَغتَةً
وشَدّ وثاقي... كي يموتَ التأمُّلُ؟

وكيف بلادي أغلَقتْ وُسْعَ صدرِها
وناحَت... فأعْماها النُّواحُ المُطَوَّلُ؟

أنا وبلادي يجمعُ الصدقُ بينَنا
بِأنّا حَمَلْنا ما العماليقُ تَحْمِلُ

فقُلنا كفى... إنّ الزمانَ معَلِّمٌ
فقيلَ :الزمانُ اليومَ قَفْرٌ وأعْزَلُ!
■ ■ ■
أتعرِفُ منْ أدّى بروحِكَ للأسى
وحطَّكَ كالخَيلِ الجريحةِ تَصْهُلُ؟

غيابُكَ عن حبٍّ لأنتَ بدونهِ
مشاعٌ بِدائيٌّ... وَعِيدٌ مؤجَّلُ

فَعَوْدٌ على بَدْءِ الغرامِ... فإنّهُ
غِنى عن قلوبِ الناسِ ما زالَ يَسألُ

دواؤكَ بالحُبّ انْتَظِرْهُ مُغَيِّراً
فقلبُكَ أوتَارٌ... وصوتُكَ جَدْوَلُ

وحُبُّكَ إِيحاءُ النَّبَالةِ... إذْ هَمَى
وأَيْدٍ كأيدي الأُمّهاتِ تُدلِّلُ

ولو أنّ سِرَّ الحبِّ يعرفُهُ الوَرى
لمَا أُذْكِيَتْ حربٌ... ولا ضاقَ مَنزِلُ

بلادُكَ لن ترضى اللّصوصَ رُعاتَها
وليستْ لتبقى بالنّسائمِ تَبْخُلُ
وشعبُكَ حينَ القَهرُ يخطِفُ عِزَّهُ
فأَخْذُ المَنايا بينَ جَنْبَيهِ يَسْهُلُ

لكَ الحبُّ فأحْمِلْهُ ذخيرةَ نعمةٍ
بها هجمةُ الأشرارِ في المَهْدِ تُقْتَلُ

وكَونُكَ مظلوماً... فَذا شَرَفٌ سمَا
على حَفنَةٍ منْ ظُلْمِهِا... الظُّلْمُ يَخْجَلُ

وإنْ شَغَلَتْكَ النفسُ في رَدِّ نقمةٍ
فلا نِقَمٌ في شأنِها الأمرُ مُنْزَلُ

يُحرّرُكَ الحبُّ الكبيرُ بِعَدْلهِ
وكُلُّ حَرامِ الخوفِ... فيهِ مُحَلَّلُ

فإنْ سُدَّتِ الدُنيا، ففي الموتِ فُرصةٌ
لِحُوريّةٍ... في المُنْتَهى، بكَ تَقْبَلُ!