في الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، ولدت دمية «بيروت» كمصباح علاء الدين، تسجّل طلبات الأطفال والمسنّين والمسنّات المتضررين من الانفجار، حصراً في محلة الكرنتينا، لأنّهم «محرومون من أي مساعدات، وإن وصلتهم مساعدات عينية، يستلمها ذووهم ويصرفونها بعيداً عن رغباتهم الخاصة» وفق ما تقول الأخصائية النفسية والتربوية ساجدة شاهين التي ابتكرت «بيروت». تجول «بيروت» بين المشاهير الذين «يؤثّرون على شريحةٍ واسعة من جمهور العالم العربي»، وتعرّفهم على المتضررين بهدف «رسم البسمة من جديد على وجوههم البائسة وتحقيق رغباتهم البسيطة».
دمية «بيروت» ابتكرتها الاخصائية النفسية والتربوية ساجدة شاهين

في أواخر آب (أغسطس) الحالي، ستباع «بيروت» في مزادٍ علني بعد أن تحملها أيادي المشاهير لتحقيق هدفين: الأوّل ترميم أثاث منزل عجوزين في «الحي المسيحي» في الكرنتينا كما يعرف، بعدما رفض العجوزان شراء أثاثٍ جديد وأصرّا على إعادة تأهيل الأثاث الذي يحمل لهم ذكريات عشرات السنين. والهدف الثاني يتمثّل في إنشاء مشروع ٍفي تجارة الغنم للعم عمر الذي خسر عمله جراء الانفجار. بدأت «بيروت» جولتها في الرابع من آب في بعلبك، بصحبة الناشطة الاجتماعية لمى شريف ليتعرف الناس إلى هذه الدمية ويزداد عدد المتابعين لصفحتها على فايسبوك وإنستغرام Beirut_ doll. ثم جمعت بين الممثلة اللبنانية سيرين عبد النور والطفلة يارا السعيد، أصغر طفلة جريحة في الانفجار أصيبت بتشوّهاتٍ في وجهها وبصعوبة في الحديث والابتسام. لكن عبد النور أعادت البسمة إلى وجه يارا بعد نهارٍ طويل أمضته معها وحقّقت لها أمنياتها. وسيكون لـ «بيروت» لقاءاتٍ تجمع مشاهير بمتضرّرين آخرين من بينهم طفلٌ مصاب بالتوحد تفاقمت حالته جراء الانفجار. دمية «بيروت» تحاكي بيروت العاصمة يوم الانفجار: ملامحها حزينة، شفتاها ذابلتان، عيناها دامعتان، تكسو بشرتها الكدمات والجروح. لكن «بيروت» التي أنهكتها مآسي أبنائها تتغير ملامحها بعد التبرعات التي يتلقاها المتضررون، فتختفي الدموع والكدمات عن وجهها إلى أن تصل إلى المزاد بصورةٍ جميلة. لقد أخذت صناعة «بيروت» 24 ساعة من الحياكة بالسنّارة نسجت خلالها شاهين والفريق المؤلّف من مصمّمة الأزياء والحرفية رانيا سعد والغرافيكيّة ديانا رزق ملامح مدينة بيروت كما يرَينها بعيونهن. هكذا، ألبسن «بيروت» فستاناً أبيض ملطخاً ببقع سوداء ووضعن على رأسها طرحة منزلقة أسوة بالعروس التي طارت طرحتها بينما كانت تتصور في بيروت يوم الانفجار. وتحمل «بيروت» بيدها شطيرة مهترئة بما يرمز إلى الزوّادة التي ترسلها الأم أو الزوجة مع المياوم. أما عينا «بيروت»، فعسليّتان كعيني الشهيد حمد العطار الذي بحثت عنه والدته في المستشفيات يوم الانفجار واصفةً إيّاه: «ابني حلو ومليح وعيونو عسليّة». هكذا صارت دمية «بيروت» لوحةً فنية «تؤثر نفسياً بأي شخص يحملها». ومع أنّ علاقة الأطفال بالدّمى أمر معروف، ترى شاهين أن «بيروت» تؤثّر بالكبار أكثر مما تؤثر بالصّغار».