لأولئك الذين يعرفون الكتالوني ألبرت سيرّا والسينما الخاصة به، يعرفون أنه خلق لنفسه شخصية وأفلاماً مثيرة للجدل ذات روح دعابة ساخرة، مستفزّة ومتغطرسة. سيرّا هو أحد أكثر المخرجين تعقيداً في السينما الإسبانية، بسبب المسافة الواضحة بين الجمهور وفنه. بعد «شرف الفرسان» (2006)، و«أغنية الطيور» (2008)، و«قصة موتي» (2013)، يتجرّأ المخرج على ملك الشمس في «موت لويس الرابع عشر» (2016) من بطولة أسطورة السينما الفرنسية الحيّة: جان بيار ليود.عام 1715، عاد الملك لويس الرابع عشر إلى القصر، ولاحظ أثناء عودته ألماً غريباً في ساقة. على الرغم من الشكوك في الغرغرينا، إلا أن أطباءه لا يريدون تصديق هذا التشخيص. بعد 15 يوماً، صار الملك طريح الفراش وعاجزاً عن الحركة، وانتشر المرض في جسمه، ما تسبّب في ألم بطيء ومؤلم لأقوى ملوك فرنسا، الذي مثّل الشمس ذاتها. ألبرت سيرّا لا يكذب، عنوان الفيلم واضح «موت لويس الرابع عشر». لا مكان للمزايدات، ولا للذكريات ولا لأي شيء.. على مدى ساعتين تقريباً، يتم تصوير الموت الآتي من بعيد. مع بداية الفيلم، تبدأ العملية البطيئة للموت، بمشهد واحد طويل، يتم تصوير التدهور الصحي بالوقت الحقيقي. يبقينا سيرّا في الغرفة ويركز الأحداث داخل الجدران الأربعة للغرفة الملكية، يغرقنا في اللحظة الحاسمة التي تؤدي فيها كل إيماءة من لويس الرابع عشر إلى خطوة أخرى نحو نهايته الحتمية. الفيلم هو كمسرح عظيم لشفق الحياة.
هناك نوع من الرعب في الفيلم، رعب لشخصية تاريخية تموت أمام الشاشة بدون حياء. معاناة رجل لم يُمنح دقيقة من الخصوصية في ساعاته الأخيرة. يمرّ الأولاد والكاردينالات والأطباء وسيدات البلاط والدجالون والمعالجون والورثة وكلاب الصيد، الجميع يمرّ منتظراً رجلاً يحتضر. يضع سيرّا ثلاث كاميرات بلقطات ثابتة في الغالب بين الجدران الأربعة، ويجعلنا نراقب الموت. نرى لويس يأكل، يرتجف، نسمعه يبلع، يتألم... بكل وقاحة، يجعلنا نشعر كأننا داخل الغرفة. نكون شاهدين على صورة شديدة الواقعية للموت والألم والرائحة الكريهة.
غالباً ما نرى فراش الموت في لقطات واسعة، ولكن حتى هذه اللقطة تبدو مضغوطة ومكتظة كما الحال في اللقطات القريبة. كل شيء في الفيلم خانق، دفع سيرّا السينما إلى أقصى حدودها، إلى الهاوية، يأتي بالموت إلى الحياة. مع سيرّا، الصورة دائمة، الحياة والموت ليسا متعارضين، ولا يعنيان شيئاً قبل أو بعد. إنهما جزءان مختلفان في الصورة نفسها. سيرّا لا يطلب شيئاً، يقدم سينما حيّة للموت ويعلن نفسه مؤرّخاً بطيئاً لوفاة معلن عنها.

The Death of Louis XIV
على MUBI