اكتشاف جديد يضاف إلى تاريخ الفن، مع عثور مجموعة من الأركيولوجيين من جنسيات مختلفة أخيراً على ما يعتقد بأنّه اللوحة التمثيلية الأولى في العالم. تظهر اللوحة ثلاثة خنازير بريّة مرسومة داخل كهف من الحجر الكلسي في جزيرة سولاوسي الإندونيسية، وبعد اختبارات تمّ تقدير عمرها بأنها تعود إلى 45,500 سنة. وقد كُشف عن الجدارية واكتشافها ضمن بحث نشرته مجلّة Science Advances الأسبوع الفائت، وتظهر خنازير مرسومة بالصباغ الأحمر يتعارك منها اثنان لم يعودا واضحين بسبب مرور الزمن، بينما بقيت رسمة الخنزير الثالث بحالة جيّدة. وقد توصّلت اللوحة البحثية إلى أن الجدارية «أقدم صورة تمثيلية على قيد الحياة لحيوان في العالم». وكان الأركيولوجي الإندونيسي بسران برهان قد اكتشف الكهف القديم سنة 2017، وهو يقع في بقعة من الجزيرة لا يمكن الوصول إليه إلا خلال موسم الجفاف. علماً أنّ اللوحة البشرية التي كان يُعتقد أنها الأقدم في التاريخ، وُجدت سنة 2019 في كهف قريب من الكهف الحالي، لكنّ عمرها يقدّر بـ 43,900 سنة. أحد الأكاديميين المشاركين في البحث، أشار إلى أنه «علينا تحديد تعريف الفن أوّلاً لكي نحدّد اللوحة الأقدم بشرياً». إذ خلال سنة 2018 تمّ اكتشاف بقع وضربات حمراء في أحد كهوف جنوب أفريقيا، ويُعتقد أنها الأثر البشري الفني الأوّل حيث تبلغ 73,000 عام، بخلاف الجداريّة الإندونيسيّة التي تُعدّ لوحة تمثيلية واضحة للحيوانات. ووفق الباحثين، فإن نتائج هذا الاكتشاف في إندونيسيا، تخلخل بعض السرديات الأساسية السائدة في تاريخ الفن، والتي تُرجع نشوء الفن الصخري إلى أوروبا خلال العصر الجليدي، والموجودة في كهوف مثل إل كاستيو في إسبانيا، وكهف شوفيه في فرنسا باحتوائهما على جداريات لا يتجاوز عمرها الـ 40 ألف سنة فقط.



بالتزامن مع الذكرى التسعين لولادة توماس برنار (1931-1989)، يعود الروائي والمسرحي والشاعر النمسوي إلى الضوء هذه السنة من خلال كتاب كوميكس أنجزه الفنان الألماني نيكولاس ماهلر. الكتاب الذي سيصدر بالألمانية الشهر المقبل، يحمل عنوان «سيرة غير صحيحة»، ويستعيد من خلال الرسم والاقتباسات أبرز مراحل سيرة الكاتب الراحل. ينطلق الكتاب من ولادة برنار في هولندا، وطفولته البائسة التي أمضاها تحت رعاية جدّه الكاتب، قبل أن ينتقل إلى معاناته في السنوات اللاحقة من داء في الرئتين، فضلاً عن علاقاته العاطفية ونجاحاته التي حقّقها في نتاجه الأدبي الضخم. بملامح كاريكاتورية يقدّم ماهلر الكاتب الساخر والسوداوي، بأنف كبير، وقدمين ضئيلتين بينما يحلّق فوقه عصفور أسود في معظم المشاهد، ويرمز إلى سوداوية برنار وتهكّمه القاتم. اللافت في هذه السيرة المصوّرة، أنها تأتي كمقدّمة لأدب برنار أيضاً، خصوصاً أنها تحمل مناخات أعماله، إذ يستعين ماهلر بمقاطع وجمل من أعمال الكاتب ومسرحياته وكتبه ورسائله الهجائية التي تحتلّ مكان الحوارات أحياناً.



«النائم» هو عنوان تجربة جديدة أطلقتها الصحافية والزميلة أحلام الطاهر في مدوّنة صوتيّة أخيراً على موقع ساوند كلاود. في فترة الحجر المنزلي الذي تعيشه وعاشته دول العالم العام الماضي، دعت الطاهر فنانين وكتاباً من العالم العربي لمشاركة أحلامهم خلال فترة الإقامة في المنازل. عبر هذه الدعوة، أرادت الطاهر التعرّف إلى «تلك العوالم التي لا تخضع لأحكام ولا تطلب إذناً كي تحدث، وتأكيداً على فكرة عدم الخوف من المخيلة، بل إطلاق العنان لها للأقصى وتصديق ما فيها وكأنه حقيقة، لأنه الحقيقة» كما وصفت في تقديمها للمشروع. حتى الآن جمعت المدوّنة عشرات التسجيلات هي وثائق عن اللاوعي الفردي ما يخفيه، وبذلك تثير تساؤلات عدّة منها «من أنا حين أحلم بنفسي؟ ما الفرق بين الحلم ورواية الحلم؟ أليس من العبث تحويل المادة الحلمية إلى نص وخطاب وهي أقرب لضروب النسيان وزلات اللسان وهفوات السلوك؟» وفق التقديم المنشور على صفحتها على فيسبوك. هكذا، وبعيداً عن المنشورات السياسية والاجتماعية والثقافية، المكتوبة بوعي مقصود على وسائل التواصل الاجتماعي كافّة، تؤسس الطاهر لمساحة لقاء لا واعية على هذه المنصّات. حتى الآن هناك مشاركات متنوّعة لشعراء وكتاب ورسامين وفنانين من أجيال مختلفة، منها منامات لعيسى مخلوف، وهدى عمران، وأحمد عبد اللطيف وسعد حاجو ورائد ياسين وغيرهم العشرات الذين يسردون بأصواتهم، أكثر الأحلام رسوخاً خلال هذه الفترة الاستثنائية من الإقامة في البيوت.



بعد ألبوم «إبعد عن الشرق وغنيله»، أطلق الموسيقي الفلسطيني جوان صفدي (الصورة) ألبومه الجديد «إجمد» عبر منصّات مختلفة مثل يوتيوب وساوند كلاود وسبوتيفاي وأنغامي وآي تيونز. هذه المرّة، يقدّم الفنان المشاكس والساخر تجربة فردية وداخلية بخلاف أعمال سابقة تضمّنت نقداً فجّاً لظروف الاحتلال الإسرائيلي، ولسطوة الدين وبعض المفاهيم الاجتماعية الأخرى. في الألبوم الجديد، نقع على 10 أغنيات تتمحور كلّ منها حول تجربة أو حالة نفسية وداخلية خاضها الفنان، منها العلاقات العاطفيّة، والعلاقة مع الآخر التي يقدّمها بكلمات تشبه الخلاصات المكثّفة، لكنها تأتي بتراتبيتها أشبه بتجربة شاملة مثقلة بمناخات السأم. على إيقاعات الإيندي روك والفولك والموسيقى الإلكترونية الخافتة، يبدأ الألبوم مع أغنية «ريباوند» وتُختتم مع «قيل وقال»، وما بينهما نستمع إلى أغنيات عدّة تحيل عناوينها إلى حالات مختلفة منها «مشتاق»، و«مهموم»، و«ملزق»، و«حسيت». في هذا الألبوم التجريبي، يواصل اختباراته وبحثه على الصعيدين الموسيقي والفني، لتبلغ تجربته الفنية مرحلة مختلفة. يؤدي صفدي كلّ الأغنيات بصوته، ضمن أسلوب تجريبي يتلو فيه الكلمات أحياناً من دون أن يتبع نمطاً غنائياً واحداً، حيث يحاول من خلال الأسلوب الغنائي وحده أحياناً أن يعبّر عن هذه الحالات الحسّاسة، عبر البطء والتسارع والتعبيرات الصوتية الأخرى. تترك هذه الخلطة الموسيقية والصوتية انطباعاً بأنها صُنعت لا لكي يتمّ الاستماع إليها بشكل جماعي، بل أشبه بدعوة إلى المستمع لخوضها بمفرده. الألبوم الذي كتبه ولحّنه ويؤدّيه بمفرده، يأتي ليتوّج رحلة الفنان الفلسطيني، وتجارب قدّمها منفرداً برفقة غيتاريه الإلكتروني أو مع فنانين آخرين وفرقتَي «لنسز» و«فش سمك».