سنة واحدة تقريباً تفصل ما بين ألبوم «إبعد عن الشرق وغنيله» وألبوم «إجمد» الجديد الذي أصدره الموسيقي الفلسطيني جوان صفدي أخيراً على قنواته الإلكترونية عبر منصّات مختلفة مثل يوتيوب وساوند كلاود وسبوتيفاي وأنغامي وآي تيونز. يحوي الألبوم 10 أغان منفصلة، تتناول كلّ منها موضوعاً معيّناً، إلا أن الصفدي وبنشره الألبوم كاملاً دفعة واحدة، اقترح بذلك استماع الأغنيات ضمن الترتيب الوارد بما يشبه الرحلة الموسيقية والصوتية وفق ما أشار على صفحته على فيسبوك. وأشار أيضاً إلى أنّه تمّ العمل على ترتيبها بدقّة، وهي تنطلق من مفهوم واحد. يلاحظ المستمع أن الألبوم يحمل مناخات متشابهة رغم التنوّع الصوتي والموسيقي الذي يشمل الإيندي روك والفولك والموسيقى الإلكترونية الخافتة أحياناً. هكذا تبدأ هذه التجربة مع أغنية «ريباوند» وتختتم مع «قيل وقال»، وتضمّ أغنيات عدّة تحيل عناوينها إلى حالات مختلفة منها «مشتاق»، و«مهموم»، و«ملزق»، و«حسيت». في هذا الألبوم التجريبي، يبتعد المغني الفلسطيني عن مواضيع السياسة والنقد الاجتماعي التي غنّاها وكتب عنها في السابق، وأودت به ذات مرّة إلى السجن في الأردن بتهمة «ازدراء الأديان» بعد حفلة أحياها في عمّان قبل سنوات وقدّم فيها أغنيات من ألبومه «نمرود». هنا يواصل اختباراته وبحثه على الصعيدين الموسيقي والفني، لتبلغ تجربته الفنية مرحلة مختلفة. هذه المرّة تخيم الأجواء الميلانكوليّة والسأم على أغنيات تتناول حالات فرديّة نفسية وداخلية، وصدمات عاطفيّة، ومواضيع عاشها الفنان نفسه منها العلاقة مع الآخر، يقدّمها صفدي بصوته، ضمن أسلوب تجريبي يتلو فيه الكلمات أحياناً من دون أن يتبع نمطاً غنائياً واحداً، حيث يحاول من خلال الأسلوب الغنائي وحده أحياناً أن يعبّر عن هذه الحالات الحسّاسة، عبر البطء والتسارع والتعبيرات الصوتية الأخرى. علماً أن هذا الألبوم الذي كتبه ولحّنه ويؤدّيه بمفرده، يأتي ليتوّج رحلة الفنان الفلسطيني المشاكس، التي قدّمها منفرداً أو مع فرقتي «لنسز» و«فش سمك». برفقة غيتاره الإلكتروني، لجأ صفدي في السابق إلى التهكّم والفجاجة، لتناول مواضيع عامّة وفردية دقيقة في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي وسلطته التي أضيفت إلى عراقيل كثيرة تواجه الفنان المستقل في العالم العربي.