يمكن القول وبالفم الملآن أنه لم يؤثر كاتبٌ في عصر ما بعد مرحلة الكتّاب المعروفين في أجيالٍ من الشباب والمراهقين مقدار تأثير نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق. الكاتبان المصريان النجمان قدّما ولأوّل مرة في العالم العربي رواياتٍ عربية غير مأخوذة عن نصوص أجنبية تحاكي الخيال لا المعاش فحسب، بل أيضاً الخيال العلمي المتقدّم والمتفوق. دمج فاروق بالاضافة لكتابته العلمية تلك قصصاً أدغمها في سلسلته الأشهر لربما «رجل المستحيل». السلسلة جعلته يتربع على عرش الروايات البوليسية/الجاسوسية.يفتقر العالم العربي لأي قصصٍ من النوع البوليسي، وإذا ما قدّمت، فإنّها تفتقر إما لقواعد القصص البوليسية عموماً، من حيث التقنيات، المعلومات، الحبكة، وحتى البنية خاصةً إذا ما تمت مقارنتها بالقصص البوليسية للكتاب المشهورين كأغاتا كريستي وآرثر كونان دويل. ورغم وجود قصص «المغامرون الخمسة» و«الشياطين 13» كقصص للجيب، ومقاربة للقصص البوليسية والجاسوسية؛ فإن تلك القصص لم ترتق لأكثر من أن تكون مجرد قصصٍ تسلوية لأطفال/ شبانٍ لايتجاوزون الخامسة عشر من أعمارهم. جاءت قصص نبيل فاروق بمثابة ردم لتلك الهوة بين القصص الغربية ذات الطابع الخيالي والقارئ العربي المتعطش لقصص يمكن المراكمة عليها وقراءتها وحتى التعلّم منها. وما تحويل روايات «ما وراء الطبيعة» لأحمد خالد توفيق إلى مسلسل ونجاح المسلسل الدرامي الكبير إلا دليل على أنّ القصص التي كتبها فاروق وتوفيق كانت ناجحةً للغاية وتستحق أن تخرج من عباءة «قصص للأطفال/للشباب» بل هي أقرب إلى أن تكون قصصاً ناضجةً لقراءٍ ناضجين يشبهون عصرهم.
كتب خريج كلية الطب والجراحة في «جامعة طنطا» المصرية سلسلتين جعلتاه يتربع على عرش خاص به: سلسلة «ملف المستقبل» مع بطلها رجل المخابرات العلمية المصرية نور الدين محمود وفريقه المستقبلي وتتكون من 160 عدداً، و«رجل المستحيل» مع بطله الأثير رجل المخابرات المصري أدهم صبري وهي أيضاً من 160 عدداً. تناول فاروق بشكلٍ آسر وذكي المغامرات التي يقوم بها بطلاه. كلٌ في عالمه ووقته: فقارب المستقبل برؤية خيالية متفوقة، فحكى مثلاً عن فكرة احتلالٍ وغزو فضائي لكوكب الأرض ضمن سلسلةٍ من عدّة أعداد ضمن «ملف المستقبل» بدأها مع رواية «الغزو»، وحكى كيف قاوم سكان الأرض ذلك الإحتلال الفضائي. قارب في الوقت عينه الماورائيات في السلسلة عينها من خلال أعداد «ابن الشيطان» الذي كان بدايةً حقيقيةً لتطور الرواية الخيالية ضمن السلسلة وخارجها. أما في سلسلة «رجل المستحيل»، فإنه قارب حكايا المخابرات والجاسوسية بمعلوماتٍ حقيقية ودقيقة في غالب الوقت، وعرّف القراء على معلوماتٍ لم يكونوا يعرفونها في السابق، مع الإشارة دائماً إلى مصدر المعلومة الدقيقة وأصلها. عاب عليه كثيرون مثاليته ووطنيته الزائدة في كتاباته، كما لاموه على بعض «المباشرة» في ما يكتبه، وأنه «تصويري» graphical في بعض الأحيان (أي أنه يرسم المشهد للقارئ كما لو أنه فيلم أو صورة) لكن ذلك لم يجعل كتبه أقل أهمية بالنسبة لجيلٍ بأكمله من القراء. أيضاً انتقد فاروق لأنه أعطى بطله أدهم صبري قدراتٍ خارقة، وهو الأمر الذي نفاه غير مرةٍ حينما أشار إلى أنَّ الشخصية حقيقية وهو اقتبسها من ملفات المخابرات المصرية العامة، وأنه التقى تلك الشخصية أكثر من مرة وأنها بالفعل تمتلك تلك الصفات. كتب فاروق في عددٍ كبير من الصحف وبشكلٍ دوري ودائم، كما قدم مجموعات قصصية، وروايات أخرى، لكنها لم تكن أبداً بنفس أهمية السلسلتين الأثيرين لديه: ملف المستقبل، ورجل المستحيل. رحل الدكتور نبيل فاروق إثر أزمة قلبية، لكنه ترك زاداً كثيراً لقراءٍ فتح عقولهم على عوالم لم يكونوا قد انتبهوا لوجودها قبله.