انتشرت ظاهرة البوكتيوب في السنوات الأخيرة، حتى أصبحت واحدة من أبرز ظواهر المشهد الثقافي في العالم العربي، وتميَّزت بعض التجارب من خلال استطاعتها تقديم محتوى مختلف وثري لعشاق القراءة، وترشيح عناوين متميّزة لهم بالصوت والصورة. ولكن حضور هذه الظاهرة ظل خجولاً في لبنان. لذا، فقد تصدّى الشاب الجنوبي من بلدة البازورية وطالب الماجستير في الفلسفة في الجامعة اللبنانيَّة علي حسين كنعان لهذه المهمة، مطلقًا قناته «الحقيقة» على يوتيوب التي يعرّفها بأنَّها «قناة تركز في جوهرها على نشر الثقافة والمعرفة والفلسفة لتجيب عن أسئلة الإنسان الكبرى في عالمه».
يفسّر لنا كنعان التعريف الذي يبدو للوهلة الأولى فضفاضاً بأنَّ مشروعه أوسع من أن يكون مجرَّد «بوكتيوبر» وأنَّ الفيديوهات التي باشر بعرضها على القناة والتي يعدّها بنفسه بالكامل بإمكاناته المحدودة، وقد تضمَّنت حتى الآن عرضاً مفصَّلاً لعدد من الروايات العالميَّة مثل «1984» لأورويل و«العمى» لساراماغو و«المقامر» و«الجريمة والعقاب» لدوستويفسكي و«المسخ» لكافكا، ليست سوى البداية، وأنَّه يسعى إلى تقديم محتوى أكثر تنوّعاً من خلال إنشائه لاحقاً قوائم تشغيل متعلقة بطروحات فلسفيَّة جدليَّة، وشخصيَّات عالميَّة، ومناسبات تاريخيَّة، بالإضافة إلى الموسيقى التي تشغل بدورها جانباً من اهتمامه.
ويعتبر كنعان مبادرته محاولة لمواجهة مدّ التفاهة والتسطيح المسيطرين بشكل كبير على وسائط التواصل في بلادنا واستخداماتها بحيث تحوَّلت الأخيرة إلى أداة لإضاعة الوقت، آملًا أن تكون فاتحة لتجارب أخرى موازية تسعى إلى تقديم مضمون راقٍ في مختلف المجالات، واعداً بتطوير هذه التجربة على المستويين البصري والتقني في أقصر وقت ممكن.