مبارح، لَمَّا انفَجَر صَوتِ الرَّعِد فجأة، خِفتِ كتير أنا وصديقي الصّغير «أنكيدو» يَلِّي رَكَض يِتْخَبَّا فِيِّي...«أَنكيدو» بْسَين أَسود، عُمرو شهر تقريباً. يِعني مَا عَاش صَدمةِ انفجار المرفأ، وما بيَعرِف شُو يِعني تِنْفِجِر مَدينة حِلوي مِتل بيروت...
أنا «غودو»، كَلِب «غُولدن رِيتريفر»، من خَمس شهور، اتبَنَّانِي فِنَّان عَايش وَحدو بالأشرفية.
كِنِت مَبسوط كتير، لَمَّا أَخدني نِتمَشَّى سَوا حَدْ مِستشفى الرُّوم بِـ ٤ آب الساعة ٦ تقريباً، لَحظِة طلع صوت مُرعب وانفَجَر شِي غَريب!
تَرَكِت صَديقي الفنان مْسَمَّر بِأَرضو، وصرت أركض...
بَعد كم يوم، حَسَّيت بالذَّنِب إِنِّي هربت وما دافعت عَنُّو، أَو عَوَّيت تَ إِبْعُدْ شَبَح الخوف والرِّعب. بَسْ أنا بِسْمَع أَكتَر بِكْتير من النّاس، وعندي مشاعر... والخوف كَان أَقوى مِنِّي...
خَبَّرنِي أَدهم إنُّو مَا زِعِل منِّي... وإنُّو عالصّدمة تجمَّد بأرضو، ولَوْ مَا أُركُض قِدّامو، مَا كَان عَرِف شُو لازم يعمل.
صار يركض ورايي ت ما ضيع. يعَيِّطلي، والشوارع كِلّا قزاز شبابيك دَمْ بواب نَاس مَفجُوعة زمامير وسيارات إسعاف عَم تِبرُم بِأرضا...
المُهِمّ إنُّو مَا زِعِل مِنّي.
دايما بِسمَعوا عَم يقول: إنو أنا أجَمَل شِي صَار مَعو هَل السّنة... ولمَّا هِزّ دَنبي بِحِسّ بالسعادة!
لَهَيك مَرَّات بْهِز دَنبي كِرمالو، حتّى لو ما كنت سعيد!
أنا غودو...
سْمعت أَدهم عم يقول مرّة إنو «غودو*» ولا مَرَّة بِيْجِي، بَسْ أَنا جِيت عَ مَسرَح صَديقي الفنّان، وشِفِتْ كل شي... شِفِتْ كِيف النَّاس بيحملوا مسابح وبِتَمِتْمُوا صَلَوَات بلا معنى، بْيِنْطروا أشخاص ولا مرّة إِجُوا.
كلّ الناس هَون بِبَيروت، بيِنْطروا وما حدا بيوصل، وما شي بيتغيّر...
بَس أَنا وصُلِت عَ مَسرح صَدِيقي الفنّان، وخِفِت كتير من صوت الرعد، لأني صرت بَعرِف شو يِعني صَوت بِخَوِّف، شو يعني انفجار... ولَمَّا رَكَض «أنكيدو» صَوبي، تَ يِحْتِمي فِيِّي كأنّي إمّو، حَسَّيت إِنِّي عَم بِلْعَب هَل المَرَّة دَور جديد بمسرحيّة الرّعد.
أنا «غودو»، مبارح ما نِمِت كل اللّيل من صوت الرّعد، بْقِيت غَامر صديقي البْسَين، وعم بِطَّلع بِصَديقي المُخرج، وإسأَلوا إذا الإمّ بهل المسرحية، لازم تْخَبِّر إِبْنَا قصّة الانفجار يَلّي صَار، أو تِنطروا يِكبَر بالصّدفة ع مهلوا، قبل ما يِخسَر طُفولتو بِقصص صَارِت مِتِل تاريخ بيروت يلّي عم يعِيد حَالو مَعْ نَاس جْدَاد:
نَاطرين وما حَدا عَمْ يُوصل
ناطرين وما شي عَمْ يِتْغَيّر؟؟
__
غودو
بقلم صديقي أدهم الدّمشقي