الحدث الأساسي في لبنان في ذكرى 250 عاماً على ولادة بيتهوفن هو مهرجان البستان الذي انطلق الثلاثاء الفائت. لكن ثمة أنشطة تقام هنا وهناك للمناسبة، من بينها، تحت عنوان «بيتهوفن 250»، أمسية من فئة موسيقى الحُجرَة، يتخللها عملٌ نادر للمؤلف الألماني، وآخر لمواطنه وخَلَفه في امتداد الحقبة الرومنطيقية، يوهانس برامز. الفئة هي رباعي البيانو، وهي تركيبة نادرة في ذاك الزمن، وأندر منها الأعمال التي كتبها بيتهوفن ضمنها. فقلّة من السميعة، والجدّيون منهم حتى، تعرف أن للرجل ثلاثة رباعيات للبيانو والوتريات (أي، بيانو إضافة إلى كمان، ألتو وتشيلّو) ورابع، ما هو إلا إعداد أنجزه بيتهوفن انطلاقاً من عمل آخر له، أكثر شهرة، هو خماسي البيانو وآلات النفخ (مصنف 16). ندرة هذه الأعمال لها ثلاثة أسباب: أولاً، هي أقل أهمية من غيرها عند مؤلفها، وقد كتبها عام 1785، أي في عمر المراهقة (15 سنة)، والأهم، أنه لم ينشرها خلال حياته، بل نُشرَت بعد رحيله بسنة، وحملت تبويباً خاصاً هو WoO. التبويب المعتمد في كاتالوغ أعماله هو «مصنَّف» أو Opus، التي تُختَصَر بـ Op، بالتالي، WoO تعني ”عمل من دون رقم مُصَنَّف“ باللغة الألمانية، وهذا هو التبويب الذي اعتمد للأعمال التي نُشِرت بعد وفاة مؤلفها (أشهرها المقطوعة القصيرة والفائقة الشهرة التي كتبها بيتهوفن للبيانو بعنوان Für Elise). إذاً، ثانياً، رباعيات البيانو تحمل التبويب WoO 36، أي تنتمي إلى مجموعة أعمال معظمها غير معروف عند بيتهوفن. أما السبب الثالث في ندرة هذه الأعمال فهو قلّة التسجيلات (أقلّه المحترم منها لناحية الأداء) التي نجدها في الديسكوغرافيا الكلاسيكية. فباستثناء تسجيل أنجزه عازف البيانو الشهير (وقائد الأوركسترا لاحقاً) كريستوف إيشنباخ، مع ثلاثة من أفراد «رباعي أماديوس»، الشهير هو الآخر، ونُشِر عند «دويتشيه غراموفون»، أيضاً الشهير جداً، وتسجيل آخر أقل أهمية (مع عازف البيانو فيليب كاسّار)، لا نكاد نجد هذه الأعمال في لائحة تسجيل أعمال بيتهوفن. والأسوأ، أن التسجيل الأول صدر قديماً على ديسك فينيل ولم يُعِد الناشر طبعه على أقراص مدمجة (CD)، والثاني صدر أساساً على أقراص، لكن الشركة التي طبعته لم تعد موجودة اليوم، وما فُقِد من كاتالوغها بات نادراً الحصول عليه (إن وُجِد، فبنسخ مستعملة). من هنا، فرصة سماعه بشكل حيّ تبدو مثيرة لمحبّي هذا المؤلف.هكذا، اختارت المجموعة التي ستحيي الأمسية، غداً الخميس، الرقم 3 (البرنامج لا يذكر الرقم ولا المصنّف، لكن يمكن الاستدلال من النغمة المشار إليها، وهي C major)، واختارت من عند برامز عملاً من الفئة ذاتها (وهي شهيرة عند هذا المؤلف، بخلاف الحال عند بيتهوفن)، تحديداً الرقم واحد، أي الأشهر بين الأعمال الثلاثة التي تنتمي إلى هذه التركيبة عند الرجل.
على البيانو، صبا علي، وهي عازفة مصرية يتركّز اهتمامها على مؤلفي الحقبة الرومنطيقية وما بعدها، يشاركها الثلاثي سالي كو (كمان)، كريس جانكينز (ألتو) وآني كالايجيان (تشيلّو).


*غداً الخميس ــ الساعة السابعة مساءً ــ أوديتوريوم «إروين هول» في حرم «الجامعة اللبنانية الأميركية» في بيروت (قريطم). الدعوة عامة.