اختار لبنان أخيراً فيلم «1982» للمخرج وليد مونّس لتمثيله رسمياً في أوسكار 2020 عن فئة الفيلم الأجنبي. هذا ما أعلنه قبل أيّام وزير الثقافة محمد داود داود بناءً لاقتراح اللجنة المكلّفة بهذه المهمة والتي رفعت تقريرها إليه إثر اجتماع عقدته وتضمّن اقتراح ترشيح الشريط الروائي الأوّل في مسيرة مونّس. ويبقى أن يُعلن في كانون الثاني (يناير) المقبل عن القائمة القصيرة للأفلام المشاركة في الحدث الذي تنظّمه «أكاديمية الفنون وعلوم السينما» في الولايات المتحدة، قبل إعلان العمل الفائز في التاسع من شباط (فبراير) 2020.اللجنة التي ذكرها الوزير الشاب الآتي من عالم الكيمياء، يرأسها المدير العام للشؤون الثقافية علي الصمد، وتضم كلّا من: إميل شاهين، وهادي زكاك، وجورج كعدي، وغسان قطيط، ولين طحيني، وكوليت خلف، ومحمد حجازي والياس دومر وهانيا مروة وغيدا مجذوب وجوزف شمالي وابراهيم سماحة. تدور أحداث «1982» إبّان الاجتياح الإسرائيلي للبنان، في مدرسة خاصة على مشارف بيروت، حيث يحاول «وسام» (11 عاماً) البوح لزميلته في الصف عن حبّه. ومن حولهما، يحاول الأساتذة من انتماءات سياسية مختلفة إخفاء مخاوفهم وحماية الصغار في الوقت نفسه. أما الأبطال، فهم: نادين لبكي، ورودريغ سليمان، ومحمد دالي، وغسّان معلوف، وعلية الخالدي، وغيا ماضي، وليلى حرقوص، وسعيد سرحان، وجوزيف عازوري، وغيرهم.
سبقت ذلك بأيّام قليلة عروض محدودة للفيلم الحاصل على جائزة «شبكة الترويج لسينما آسيا والمحيط الهادئ» (NETPAC) ضمن الدورة الرابعة والأربعين من «مهرجان تورونتو السينمائي الدولي» في سينما «أمبير ــ إسباس» (زوق مكايل)، قيل يومها إنّها ستُتبع بعروض تجارية محلية أوسع في الأسابيع المقبلة.
في مقابل ترحيب البعض بنبأ ترشيح الشريط من قبل الدولة اللبنانية، خرجت أصوات تستنكر ما جرى، أبرزها المخرج اللبناني بهيج حجيج الذي طرح في تصريح صحافي تساؤلات محقة حول طريقة الترشيح. علماً بأنّه بين العناوين التي طُرحت على طاولة اللجنة كان فيلم حجيج الأخير «غود مورنينغ» الذي جال على مهرجانات عربية وأجنبية عدّة كما حصد جوائز. تطرّق حجيج إلى الشروط التي يجب أن تستوفى في الأعمال السينمائية المرشحة إلى الأوسكار، أهمّها العرض لمدّة «أسبوع بالحدّ الأدنى قبل نهاية أيلول (سبتمبر) وبشكل رسمي»، معتبراً أنّ القائمين على «1982» قصدوا «تمريره» على الطريقة اللبنانية و«إيهام» وزارة الثقافة بأنّه يستوفي كل الشروط، ومتهماً بعض العاملين في مجال صناعة السينما اللبنانية بـ «تركيب» الأمورِ وفق مصالحهم.
في المقابل، شدّد داود على أنّه حصل على وثيقة خطية تثبت الصالة والتاريخ الذي بدأ فيه العرض، قبل أن تتواصل الوزارة مع لجنة الأوسكار لتؤكد إحدى محامياتها أنّ الشروط المطلوبة متوافرة في «1982»، نافياً أن تكون وزارة الثقافة «منحازة لطرف على حساب آخر».
من جهتها، لفتت مصادر من «أم سي» للتوزيع إلى أنّه استناداً إلى الفقرة 13B1 من قوانين الدورة الثانية والتسعين من الأوسكار، يتعيّن عرض الفيلم قبل 30 أيلول 2019، موضحة أنّ «1982» وصل إلى صالة تجارية في 23 من الشهر نفسه. وأكدت المصادر عدم وجود أي شرط يفرض أن تكون العروض السبعة المتتالية قبل 30 أيلول، لتشدّد في الوقت نفسه على أنّ الأمر لا يتطلّب حملة دعاية متكاملة، وأنّ «أكاديمية الفنون وعلوم السينما» على دراية بأنّ العروض البيروتية تجري لوقت محدّد.
الجدل الدائر في لبنان اليوم حول هذا الموضوع يرسم علامات استفهام عدّة حول سويّة الأفلام التي نختارها لتمثيلنا في السباق إلى الأوسكار. هل من الضروري المشاركة في هذا الحدث سنوياً بعض النظر عن مستوى الأعمال التي ننتقيها للترشّح؟ وهل تجب إعادة النظر في تشكيل اللجنة اللبنانية التي تقع على عاتقها هذه المسؤولية، بعيداً عن المحسوبيات والوساطات؟