لا جديد، لا أخبار ثقافية تأتي من القاهرة إلا الحبس أو الغرامات أو النفي. قبل أيام، أعلن الروائي المصري علاء الأسواني إحالته إلى القضاء العسكري بتهمة «إهانة الرئيس والقوات المسلحة والمؤسسات القضائية المصرية». دار «أكت سود» الباريسية ناشرة الأسواني ووكيله الأدبي في فرنسا أكّدت في بيان لها «أن الاتهامات الموجهة إلى الأسواني تستند إلى مقالات يكتبها في موقع «دويتشه فيله» العربي، وإلى روايته الأخيرة «جمهورية كأن» التي تروي أحداث ثورة عام 2011».
خشيت دور النشر اللبنانية من إصدار بيان تضامني مع الكاتب المصري

من جانبه، روى صاحب «عمارة يعقوبيان» في مقال نشره موقع شبكة «دويتشه فيله» المضايقات التي تعرّض لها في السنوات الأخيرة، وصولاً إلى تحويله إلى محاكمة عسكرية. إذ بدأت المضايقات بإلغاء ندوته الأسبوعية التي كان يعقدها في أحد مقاهي القاهرة، ثم انتقلت الندوة إلى «دار ميريت» في وسط العاصمة، ثم انتهى الأمر باحتجاز أمن مطار القاهرة للأسواني لأكثر من مرة أثناء سفره. وأضاف: «امتدّت المضايقات إلى أسرتي. فقد تعرّضت ابنتي ندى لحادث سير عندما خبطها شخص يقود موتوسيكل بدون رخصة. لكن محضر الشرطة اختفى وظهر محضر آخر جعلها متّهمةً. وفي المحكمة، لم يستمع القاضي إلى أي أقوال أو مرافعات، لكنه فقط تأكّد من اسم ابنتي ثم حُكم بحبسها وبكفالة مالية. قاتلنا حتى تم إلغاء الحبس في محكمة الدرجة الثانية». وتابع الأسواني: «انتهيت من كتابة روايتي «جمهورية كأن» التي وصفتُ فيها الجرائم التي ارتكبتْها السلطات المصرية ضد شباب الثورة. خاف الناشرون المصريون من نشر الرواية، فنشرتْها «دار الآداب» في بيروت. تمّ منع الرواية في مصر وشن إعلام المخابرات حملة غير مسبوقة ضد الرواية». واختتم صاحب «شيكاغو» مقالته بنداء إلى المدّعي العام العسكري: «إذا كانت جريمتي هي التعبير بصراحة عن أفكاري، فإني معترف وفخور بها. إن ما تعتبرونه جريمة أعتبره واجب الكاتب وشرفه، ولسوف أستمر في ارتكاب هذه الجريمة حتى نهاية العمر».
على جانب آخر، رفض «اتحاد الناشرين العرب» إصدار بيان تضامني مع الناشر خالد لطفي المحكوم عليه بالسجن خمس سنوات أمام محكمة عسكرية أيضاً بسبب نشر وتوزيع كتاب «الملاك»، وتمّ اتهامه بتهمتين متناقضتين: «إفشاء أسرار عسكرية، وبثّ شائعات مغرضة». وعلمت «الأخبار» من مصادرها أن رئيس الاتحاد محمد رشا اتصل بعدد من الناشرين اللبنانيين يدعوهم لعدم إصدار أيّ بيانات للتضامن مع صاحب مكتبة «تنمية»، بحجة أن الأوضاع في مصر لا تتحمّل مثل هذه البيانات! وقد رفضت العديد من دور النشر اللبنانية التوقيع على البيان خوفاً من عدم مشاركتها في «معرض القاهرة الدولي للكتاب»، ليصدر البيان حاملاً توقيع أربع دور فقط هي: «التنوير»، «الآداب»، «الدار العربية للعلوم ناشرون»، «شركة المطبوعات للتوزيع والنشر». وقد اعتبر الناشرون الموقّعون على البيان أنّ ما حصل يؤدي إلى بثّ حالة من الفزع لدى الناشرين، وينال من المشهد الثقافي في مصر وخارج مصر التي طالما كانت ساحةً لحرية الرأي والنشر، ورائدة العالم العربي.