بالأمس القريب كثيرات، واليوم الزميلة والفنانة سحر طه (1957). السرطان يضرب مجدداً. نساء العالم في حالة رعب. الخسارات لا تحصى. صحيح أنه لا تصلنا منها إلا الأسماء التي تتمتع بشهرة ما، لكن هذا مؤشّر واضح إلى حجم الكارثة. قاومت سحر طه المرض أكثر من مرة وعلى مراحل عدة منذ 15 عاماً. غلبته مرّتَين، لكنه عاد وأصابها مرّة ثالثة، ستكون الأخيرة مع الأسف.سحر طه فنانة لبنانية، عراقية الأصل، عازفة عود ومغنية احترفت الألوان العراقية التراثية بشكل أساسي، بالإضافة إلى أنماط غنائية وطربية أخرى، بقيَت كلها في خانة الفن الراقي والملتزم ــ في جزء منه ـــ القضايا العربية من العراق إلى فلسطين. عملت كذلك منذ مطلع التسعينيات في النقد الموسيقي في صحف محلية عدة («المستقبل»، «النهار»، «الشرق الأوسط»…)، فكتبت مقالات رصدت فيها النشاط الفنّي على الساحة اللبنانية والعربية، كما أنجزت أبحاثاً طالت الموسيقى العراقية بين رموزها وأشكالها الغنائية. وعلى صعيد الكتابة أيضاً، وضعت طه كتاباً بعنوان «مقامات عراقية — يوميات الاحتلال الأميركي للعراق» (دار الريّس ــــ 2005) سردت فيه آلالام بلدها والخراب الذي أصاب أعرق البلدان العربية تاريخاً وتراثاً وفكراً وأدباً وفنوناً، بعدما أضرم فيه العم سام النار بمشعله أثناء «نشره الحرية».
أمّا فنياً، فقد تركت بعض الألحان الخاصة كما قدّمت العديد من الأمسيات في لبنان وخارجه وأنجزت ألبومات عدة بين 2001 و2011، أبرزها «بغداديات» (مع مواطنها عازف العود عمر بشير) و«أغنيات من التراث العراقي» (تسجيل حيّ ــــ 2003) و«ودّعت بغداد» (تسجيل حيّ ــــ 2005)، بالإضافة إلى عملها الأخير الذي لحّنت فيه قصائد من الشعر الصوفي وحمل عنوان «أعشقك أنت» (2011).
هاجرت سحر طه أخيراً إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث رحلت بصمت في إحدى مستشفيات ميشيغان، لكنّها ستدفَن في لبنان بعد إتمام إجراءات نقل جثمانها إلى بيروت.