مطلع الحرب في سوريا، فخخ «جيش الإسلام» الإرهابي مبنى «مشفى البرج الطبّي» في مدينة دوما، وأراد أن يفجّره ليمنع الجيش السوري من السيطرة على البلدة، كونه أعلى مبنى فيها ولا يبعد خطّ نظر أكثر من 1 كم عن أوتوستراد دمشق -حمص الدولي. في تلك الليلة، سمع أهالي الحي تفجيراً ضخماً، لكن المفاجأة بأن المبنى لم يسقط بسبب تدعميه العالي. كل ما حصل أنّه تآكل بشكل بسيط، حينها عرف الإرهابيون بأن المكان صالح ليكون مقرّاً لقياداتهم تحت الأرض وهو ما حصل. ربط المقرّ بشبكة أنفاق واسعة تصل إلى معظم أنحاء الغوطة. ما سبق ليس سوى تفصيل صغير ضمن سيل من الصور والفيديوهات التي بثّت لدى تحرير الغوطة الشرقية، وضع العالم كلّه في سوية تلك الأنفاق وخطورتها وتنفيذها بطريقة عالية الدقة، وجرت أحاديث عن الافادة منها لاحقاً! مبدئياً، قررت مجموعة من النحّاتين السوريين (حوالي 16 فناناً) أن يحيلوا واحداً من تلك الأنفاق إلى معرض فنّ تشكيلي، عساها تكون رسالة ضمنية تقول بأن من بقي هنا يريد أن ينسى الوجه الإجرامي الذي استخدمت له تلك الأنفاق ويطلي وجهها برداء فني أخّاذ. هكذا، جمع هؤلاء الفنانين عدّتهم وأخذوا الموافقات اللازمة وتوّجهوا إلى هناك لتبدأ العمليات المتقنة بإنجاز مجموعة تماثيل تخلّد الشهداء الذين قضوا حتى حروا الغوطة.في اتصال مع «الأخبار»، يشرح التشكيلي أنس قطرميز نائب مدير «مركز أحمد وليد عزت للفنون التطبيقية» وهو المسؤول الفني عن المشروع بأن الفكرة بدأت من قبل المقاتل مهند معلّا عندما كان مرابطاً على خطوط الجبهة في جوبر. يومها نفّذ عملاً نحتيّاً مصغّراً على جدران أحد الأنفاق التابعة للجيش السوري، وأخذ ضجّة إعلامية. وبعد تحرير الغوطة أخذ الموافقات المطلوبة وتواصل معنا لطرح الفكرة على الفنانين الراغبين بالمشاركة».
أمّا عن مساحة المعرض يقول قطرميز: «نعمل في نفق لا نعرف من أين يبدأ، وأين ينتهي.. لكننّا نفّذنا شغلنا على مساحة 40 متراً طولي بحوالي 80 متراً مربعاً، ومن المفترض أن نوّجه دعوة لجميع الوسائل الإعلامية الراغبة بزيارة المعرض بعد انتهائنا» الرسالة واضحة من هذا المنجز الفني. كأنها تريد إيصال أبهى أشكال الحياة، من منصّة كانت معدّة للقتل والتدمير!