ختام «أسبوع عالمي لسوريا» الليلة سيكون بمحاضرة لجان دورينغ وحفلة لعازف العود السوري بشّار الحسن ويحلّ عليها ضيفاً عازف القانون اللبناني غسان سحّاب.جان دورينغ (1947) هو الباحث المستشرق الذي ترك فرنسا الى إيران، حيث أقام لسنوات ودرس المقامات الشرقيّة وآلتي السيتار والتار الفارسيتين. هو أيضاً صاحب الكثير من المقالات العلمية والمؤلفات التي تتناول الموسيقى في إيران وآسيا الوسطى وتاريخها وتنوعها.

يقيم دورينغ اليوم في فرنسا، حيث يشرف على أبحاث الموسيقى في «المركز الفرنسي الوطني للأبحاث العلميّة»، ومركز أبحاث جامعة «باريس نانتير». أمّا بشّار الحسن، فهو عازف عودٍ حلبيٍّ مقيمٌ حالياً في لبنان، وقد بدأ منذ التسعينات بالعزف في فرقة الفنان الحلبيّ صباح فخري ثمّ في فرقة محمد خيري، وأصدر مؤلّفات خاصّة يقدّمها على العود بمرافقة آلات التخت الشرقي الأخرى.
الليلة في «ة مربوطة»، سيقدّم جان دورينغ محاضرة بعنوان «الموسيقى، الأخلاق، والروحانيّات» يتناول فيها نظرة شعوب المنطقة الى الموسيقى وربطها بمفهوم الأخلاق وبالروحانيات.
تتناول المحاضرة أيضاً النظريّات الموسيقية القديمة في المنطقة ومقاربتها مع نظرياتٍ أخرى في ثقافاتٍ مجاورة أو بعيدة، إذ تمتاز كل ثقافة بمفاهيم موسيقية معيّنة، مما لا يعني عدم التقاء هذه المفاهيم في ثقافات مختلفة. سيقدّم دورينغ أمثلة نظريّة تبيّن وجهة نظره في هذا الموضوع، الى جانب أمثلة سمعيّة من تسجيلاتٍ قديمة.
وستلي المحاضرة حفلة لبشّار الحسن يقدّم فيها ألحانه الخاصة وأخرى من التراث الحلبي على آلة العود بمرافقة الإيقاع والناي. خلال السهرة، يستضيف الحسن عازف القانون اللبناني والباحث الموسيقي غسّان سحّاب، وسيقدّمان معاً حواراً بين آلتيهما من ارتجالاتٍ وتقاسيمٍ مرسلة وموقّعة.
لا تغيّر المحاضرات والحفلات مجريات الحرب، هذا صحيح. ولا تطرح هذه الأنشطة حلولاً سياسيّة أو عسكرية يرتجيها أهل المنطقة للعيش بسلام، لكنّ الأمسيات والمحاضرات في زمن الحرب لا تمثل مساحةً للتسلية والترفيه، بل هي «حربٌ على الحرب» كما عنوان فيلم مارون بغدادي الذي صورّه عام 1984 في أوج الحرب اللبنانية. الأبحاث التي تدرس تاريخ الموسيقى وتوثيقها وكيفيّة تناقلها عبر الأجيال هي الفرصة الحقيقية لانتصار ثقافة شعب أصيل وهي السلاح الذي يواجه به الشعب خطر اندثاره، كذلك الأمسيات الموسيقية الّتي تنشر تراث المنطقة وتبقيه حياً في آذان مستمعيه. إنّها مقاومة ثقافية.
من هنا من بيروت التي ذاقت الحرب مراراً، لكنّها أيضاً تحايلت عليها وصمدت، ومن عواصم أوروبيّة عرفت الحرب أيضاً وتميّزت في كيفيّة النهوض بعدها، الى الشام الجريحة التي لا يريد موسيقيّوها ومثقّفوها الرضوخ للحرب. ها هم يعلنون أنّ «الموسيقى السوريّة تحيا» بمحاضراتٍ وأمسياتٍ تجوب العالم، وتبقي سوريا بلاداً للثقافة والجمال والحب والموسيقى، لا بلداً للموت والجراد الأسود. علينا أن نختار إذاً أي سوريا هي سوريانا.

محاضرة جان دورينغ «الموسيقى، الأخلاق، والروحانيات»: 18:30 مساء اليوم تليها حفلة بشّار الحسن ــ «ة مربوطة» (الحمرا) ـ للاستعلام: 01/350274