تتوزع معارض «نظرات على بيروت»، و«مدن المدينة»، و«تصوير الهوية» و«معرض المجموعة الدائمة» على «متحف نقولا سرسق» تزامناً مع افتتاحه اليوم. بين الأعمال الماضية وتلك المعاصرة، تتبيّن نية القائمين على المتحف، موفقةً بين مساحة للفنانين الجدد، والجانب التوثيقي المتمثّل في عرض حيّ لعدد من المجموعة الفنية الدائمة (حوالى 800 عمل).
في الطبقتين الأولى والثانية من المتحف تتضح الرؤية أكثر إلى تاريخ الفن اللبناني الممتد من نهايات القرن التاسع عشر حتى مطلع القرن الواحد والعشرين. وبعيداً عن الشائع، كان نقولا سرسق المهتم بالفن، يمتلك لوحتي بورتريه بريشتي الفنان الهولندي كايس فان دونغن واللبناني فيليب موراني، إلى جانب أعمال وقطع نادرة كان يجمعها. يرتبط التجميع الفعلي للوحات بانطلاق «معرض الخريف» عام 1961، وفق مديرة المتحف زينة عريضة. حينها، كان المتحف يشتري اللوحات والمنحوتات التي نالت الجوائز الأولى في «معرض الخريف»، كطريقة لدعم الفنان وإنتاجه. لم يدم هذا الأمر طويلاً. خلال الحرب الأهلية، بدأ المتحف يستقبل التقدمات من فنانين يهبونه أعمالهم.
أما الآن، فمن المبكر الحديث عن سياسة مؤكدة ستتبعها الإدارة في اقتناء الأعمال الفنية. الأمر مؤجل إلى ما بعد الانتهاء من الافتتاح. مع ذلك، فإن الفكرة العامة «أننا لدينا مهمة أساسية في المتحف لوصل الفترة الماضية بالحاضر»، أي ملء النواقص من اللوحات، ومواصلة رسم خريطة الفن اللبناني حتى اليوم، حيث سيتم التركيز أيضاً على النتاج الفني المعاصر.

مواصلة رسم خريطة المحترف اللبناني حتى اليوم
غياب الدعم بالطبع يشكّل أحد أهم العوائق، لذا يُفترض التعاون كخطوة أولى مع مقتني الأعمال الفنية وإقناعهم بإيداع مجموعاتهم لفترة طويلة. وبالعودة إلى المجموعة الدائمة التي سيتبدل عرضها كل فترة، ستؤمن للمتفرجين رؤية تطوّر الفن التشكيلي اللبناني الحديث ولـ «معرض الخريف» على السواء. تغلب الأسماء الطليعية اللبنانية على معظم المجموعة، مطعمة ببعض اللوحات الغربية من اليابان وأخرى من فرنسا حصل عليها المتحف في مناسبات أخرى، وخصوصاً في التبادل الفني مع «صالون الخريف» في باريس.
في الطبقة الأولى غرفة مخصصة لبورتريهات يوحدها الطربوش الأحمر. تعيدنا هذه المساحة إلى الفترات الأولى من الفن التشكيلي المحلي حين كانت العائلات البورجوازية اللبنانية تطلب من الرسامين إنجاز بورتريهات لبعض أفرادها. هنا تبرز أسماء من الجيل الأول مثل: نجيب قيقانو، حبيب سرور، مصطفى فروخ، داود القرم، عمر الأنسي، خليل زغيب وغيرهم. تتنوّع الأساليب بين النحت والرسم والمواد المختلفة والكولاج في الطبقة الثانية. تعود معظم هذه الأعمال إلى «جيل النهضة الثانية» مثل: عارف الريس، رفيق شرف، بول غيراغوسيان، شفيق عبود، أمين الباشا وجميل ملاعب، التي تتجاور مع لوحات نسائية مثل: سلوى روضة شقير، سيتا مانوكيان، إيتل عدنان ولور غريّب. ومن بين المجموعة الكاملة، انضمت أخيراً مجموعة فؤاد دباس التي أودعها شقيقاه لفترة طويلة في المتحف. تضم مجموعة «تصوير الهويّة» أكثر من 30 ألف صورة وبطاقة بريدية (معظمها لبونفيس) التقطت في لبنان وسوريا وفلسطين ومصر وتركيا بين 1860 وستينيات القرن الماضي.