تخلق المناطق الاقتصادية الحرّة مساحات داخل حدود الوطن، تتميّز بأحكام مختلفة عن بقية أراضي الجمهورية، وتهدف إلى جذب رؤوس الأموال وتشجيع المبادلات التجارية بعيداً عن الرسوم الجمركية والضرائب والتعقيدات الإدارية، وهو أمر مهم وضروري، ولا سيّما في المرحلة الاقتصادية الدقيقة التي يمرّ بها لبنان اليوم. لكنّ النمو الاقتصادي للبلاد لا يمكن أن يحدث على حساب العاملين داخل تلك المناطق. فبعد الاطّلاع على قانون «إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس» كمثال، تبيّن أن أحكامه تقارب مسألة «الحقوق الاجتماعية للعاملين» بكثير من الاستهتار، إذ يُخالف الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمعايير العمل الدولية، ويجافي مبدأ الحماية الاجتماعية لجهة عدم مراعاة حقوق العمّال المنصوص عنها في قانونَي الضمان الاجتماعي والعمل


ما هو الإطار القانوني الذي يُطبّق داخل حدود المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس؟
صدر القانون الرقم 18 في 5/9/2008 تحت عنوان قانون «إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس» (نُشر في الجريدة الرسمية العدد 38، بتاريخ 18/9/2008)، وتضمّن أحكاماً خاصة لتشجيع الاستثمارات داخل حدودها. لكن أكثر ما تميّزت به هذه الأحكام أنها جاءت على حساب حقوق العاملين في المؤسسات التي ستعمل ضمن هذه المنطقة، كما صدرت مراسيم تطبيقية تحدّد أصول منح التأشيرات والإجراءات الجمركية المطبّقة وأصول منح تراخيص العمل داخلها.

ما هي الأحكام الاستثنائية التي تُطبّق داخل حدود المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس خلافاً لجميع القوانين والأحكام المرعية التطبيق؟
منح القانون لهيئة إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة الحقّ الحصري بممارسة صلاحيات جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات في ما يتعلق بمنح التراخيص الإدارية وإجازات البناء، وفق المخطط التوجيهي والنظام التفصيلي العام الموضوع للمنطقة وقوانين ومراسيم البناء، باستثناء تلك التي يعود منحها لمجلس الوزراء والسلطات الأمنية، في ما يخص المشاريع الاستثمارية التي تخضع لأحكام هذا القانون (أو الأنظمة التطبيقية لأحكامه). كما منح المشغّلين مهام توفير بعض الخدمات في المنطقة عن طريق تولّيهم مسؤولية إقامة مشاريع إنتاجية مثل الكهرباء وخدمات الاتصالات والماء وغيرها، وتشغيلها بصورة مستقلة في المنطقة بأسعار منافسة وفقاً للترتيبات الناشئة عن العقد.
كما حُدّدت في المادة الثانية من القانون الأصول والأحكام التي ترعى المسائل التالية:
• الشؤون المتعلقة بالهيئة العامة لإدارة المنطقة الاقتصادية وضبط شؤونها.
• بناء البنية التحتية والمنشآت في المنطقة وتجهيزها وتشغيلها وشروط استثمارها وإدارتها والأعمال المسموح القيام بها ضمن حرمها.
• أصول الترخيص للعمل في المنطقة الاقتصادية.
• أصول منح الموافقات والإجازات لإدخال البضائع والمواد الأوّلية والبضائع نصف المصنّعة إلى المنطقة وإخراجها منها وغيرها من التدابير والإجراءات الرامية إلى تنظيم العمل داخلها.
• الحوافز والتسهيلات والإعفاءات الممنوحة للمشاريع التي تنشأ في نطاق هذه المنطقة.
• أصول حل النزاعات بين المستثمرين أو بينهم وبين هيئة إدارة المنطقة.



ما هو هدف المنطقة الاقتصادية الخاصة؟
تعمل المنطقة الاقتصادية الخاصة على إنماء الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، وتشجيع المبادلات التجارية الدولية وتطويرها. كما أنها تهدف إلى «تعزيز النشاط الاقتصادي في لبنان، وتحقيق الإنماء المتوازن في مختلف المناطق اللبنانية، وإيجاد فرص عمل جديدة في مختلف المرافق الاقتصادية، وتشجيع الاستثمارات في المجالات الصناعية والتحويلية والسياحية، وغيرها من النشاطات التي تصبّ في تحريك العجلة الاقتصادية وتساهم في النمو الاقتصادي للبلاد».

ما هي حدود المنطقة الاقتصادية الخاصة؟
يشمل موقع المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس المساحات التالية:
أ ـ الأراضي المستحدثة والتي تُعدّ قسماً من الأملاك العمومية البحرية في محافظة لبنان الشمالي والتي تبلغ مساحتها 500178 متراً مربّعاً، والمبيّنة خريطتها بالمرسوم الرقم 1791 الصادر في 23/4/2009.
ب ـ مساحة 75,000 متر مربّع من معرض رشيد كرامي الدولي المبيّنة حدودها على الخريطة المرفقة
(المادة الأولى من المرسوم الرقم 2897 تاريخ: 3/5/2018).
تجدر الإشارة إلى أن المساحات المشار إليها تُعدّ مساحة أوّلية لإطلاق المنطقة، ويمكن زيادتها لاحقاً وفق تطوّر عملها وذلك بموجب مرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء.

ماذا عن حقوق العاملين لدى المستثمرين في المنطقة؟
خلافاً لأي نص آخر، أخضع القانون علاقات العمل بين الأجراء والمؤسسات العاملة في المنطقة والمتعلقة بشروط الأجر والصرف من العمل للاتفاقات التعاقدية الناشئة بين الفرقاء (المادة 28)، من دون أي اعتبار لقانون العمل أو قانون طوارئ العمل أو الضمان الاجتماعي أو مراسيم الحدّ الأدنى للأجور وبدل النقل ومنح التعليم.
كما أن الموافقة المسبقة بشأن إجازة العمل للعمّال الأجانب تصدر عن المرجع المختص في الهيئة، وليس عن وزارة العمل. وكذلك منح الهيئة الصلاحية والحق في منح وتجديد طلبات الترخيص بالعمل أو طلبات تجديد العمل العائدة لأصحاب عمل أو لأجراء دخلوا إلى لبنان لتعاطي عمل في المنطقة (المادة 29).
أخضع القانون العمّال في المنطقة للاتفاقات التعاقدية الناشئة بين الفرقاء من دون أي اعتبار لقانون العمل أو طوارئ العمل أو الضمان الاجتماعي أو مراسيم الحدّ الأدنى للأجور


وبالتالي، فإنه استثنى من أحكام الضمان الاجتماعي المستخدمين والأجراء العاملين في المؤسسات الاستثمارية المنشأة في المنطقة، وأعفى أصحاب العمل الذين يستخدمون هؤلاء الأجراء في المنطقة من موجب التصريح والتسجيل ودفع الاشتراكات المتوجّبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. في حين أنه ألزم أصحاب العمل المعنيين بالاستفادة من الإعفاءات المبيّنة أعلاه تأمين تقديمات صحية فقط لأجرائهم ومن هم على عاتقهم، مماثلة أو تفوق تلك التي يوفرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للمنتسبين إليه فقط (المادة 31)، من دون باقي التقديمات الاجتماعية كنهاية الخدمة والتعويضات العائلية.

ما هي الإعفاءات الضريبية التي يتضمّنها القانون للمستثمرين في هذه المنطقة؟
نصّ القانون في الفصل السابع على الحوافز والإعفاءات التالية:
• أعفى المشروع الاستثماري من الرسوم الجمركية بما فيها معدل الحدّ الأدنى لهذه الرسوم ومن رسم الاستهلاك الداخلي ومن الضريبة على القيمة المضافة ورسوم الاستيراد والتصدير على الآليات والأجهزة والمعدات والمواد والسلع التي يستوجبها المشروع.
• أعفى أرباح المؤسسات التي تنشأ في المنطقة ضمن شروط محددة من ضريبة الدخل.
• أعفى الرواتب وملحقاتها للمستخدمين والأجراء العاملين في المؤسسات المنشأة في المنطقة من ضريبة الدخل.
• أعفى أصحاب العمل الذين يستخدمون هؤلاء الأجراء في المنطقة من موجب التصريح والتسجيل ودفع الاشتراكات المتوجبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
• أعفى الأبنية والإنشاءات العقارية التي تقام في المنطقة من رسوم الترخيص ومن ضريبتَي الأملاك المبنية والأراضي.
• أعفى الشركات المغفلة على أنواعها التي يكون هدفها إدارة مشروع استثماري في المنطقة من شرط وجود أشخاص لبنانيين طبيعيين أو معنويين في مجالس إدارتها.
• أعفى إصدارات الأسهم والأوراق المالية التابعة للمؤسسات العاملة في المنطقة من أي رسوم وضرائب.