لا تتناسب سرعة البناء العشوائي في الزهراني مع خطة المواجهة التي تعدّها القوى الأمنية لقمع التعدّيات. ورش البناء في الأملاك العامة والخاصة من دون تراخيص، واستملاك المشاعات، تتسارع في الليل والنهار في بلدات القضاء من الزرارية والخرايب إلى البيسارية وتفاحتا. في المقابل، القوى الأمنية تبدو مرتبكة في التعامل مع من يخرق القانون، ولا سيما بعد تعرّض دورياتها للملاحقة والضرب وإطلاق النار خلال محاولتها قمع المخالفات في بعض البلدات. وبعد شهرين من استفحال الظاهرة التي كشفت عن آخر فصول انهيار الدولة، خصص وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي جانباً من مؤتمره الصحافي للحديث عن الملف، عقب اجتماع مجلس الأمن المركزي أمس. وأعلن أن قادة الأجهزة الأمنية هم «على جهوزية تامة لقمع مخالفات البناء ومنعها»، رافضاً «التذرّع بأيّ غطاء سياسي أو أمني للتعدّي على الأملاك العامة، وسيكون هناك قمع للمخالفات بمؤازرة الجيش».
رفض رئيس بلدية تحمّل تبعات عجز القوى الأمنية عن القيام بواجباتها

هذا نظرياً، أما عملياً فالفصائل التابعة لقوى الأمن ضمن الزهراني طلبت من البلديات قمع المخالفات. وهذا ما حصل مع رئيس بلدية البيسارية نزيه عيد، الذي أُوقف بإشارة من المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم لساعات في نظارة فصيلة عدلون، أول من أمس، بعد رفضه تحمّل وزر قمع مخالفات البناء الجارية في بلدته. عيد أوضح لـ«الأخبار» أن آمر الفصيلة استدعاه للتوقيع على تعهد بتأمين جرافة تقوم بهدم المخالفات وتوفير عناصر الشرطة البلدية لمؤازرة القوة الأمنية التي ستحضر للإشراف على هدمها». لكن عيد رفض التوقيع و«تحمّل تبعات عجز القوى الأمنية عن القيام بواجباتها ووضعه في المواجهة مع أهل بلدته». رفضه دفع إبراهيم للإشارة بتوقيفه لساعات، قبل أن يخلى سبيله. عيد على غرار عدد من زملائه في بلديات الزهراني توقف عند ازدواجية القوى الأمنية في التعاطي مع المخالفات. «في الزرارية، أطلق البعض النار باتجاه دورية ولم يتم توقيف أحد. وفي تفاحتا والخرايب، تم اعتراض الدورية وقطع الطريق بوجهها من دون اتخاذ إجراءات. فيما في البيسارية وسواها، يطلبون منا التشدد مع المخالفين». عيد دعا إبراهيم نفسه إلى «التفاهم مع القوى السياسية النافذة لرفع الغطاء عن المخالفين لأن البلديات لا إمكانية ولا صلاحية لها لإزالة المخالفات ولا لملاحقة مرتكبيها ولا لمنح تراخيص بناء أو التعاقد مع عناصر شرطة. فنحن لا نقبل بأن تعجز الدولة ويرموها علينا».