يصرّ وزير السياحة وليد نصّار على شرعنة قراره إقفال منتزهات الوزاني بالادّعاء أنّه جاء تنفيذاً لقرار محكمة التمييز الجزائية، وهو ما ليس صحيحاً. القرار الذي حصلت «الأخبار» على نسخة منه يبيّن العكس، إذ إن «التمييز» طلبت حصراً استحصال المنتزهات على الرخص، ما يعني أن ختمها بالشمع الأحمر هو إجراء إداري اتخذته «السياحة».ففي عام 2016، قرّرت محكمة استئناف النبطية إقفال 10 منتزهات على ضفاف نهر الوزاني لعدم حيازة أصحابها على تراخيص استثمار. ولأن قراري محكمتي الاستئناف والبداية (صادر عام 2014) تعارضا، أُحيلَ الملف إلى محكمة التمييز الجزائية التي بتّت الغرفة الثالثة فيها برئاسة القاضية سهير الحركة بالملف، ناقضةً قرار «الاستئناف» القاضي بالإقفال. وبالتالي لم يعد له وجود وفقاً للمادة 422 أصول محاكمات جزائية. وفي قرارٍ آخر في 2022، أكدّت «التمييز» نقض قرار الاستئناف، وأدانت المدّعى عليهم من أصحاب المنتزهات المُخالفة، وغرّمت كلاً منهم بمبلغ مليوني ليرة، وأبلغت القرار إلى وزارة السياحة لاتخاذ الإجراءات.
بالنتيجة، ووفقاً للقرار، فإن محكمة التمييز لم تقضِ بالإقفال، بل على العكس أوقفت تنفيذ بند الإقفال. وهذا ما أكّده مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات في كتابٍ وجّهه أمس إلى نصّار، ليضع حداً للتفسير الخاطئ للقرارات القضائية. ومما جاء فيه «...المقصود من قرار التمييز طلب الاستحصال على الرخص اللازمة أو تجديدها وتصحيح الوضع القانوني للمخالفات. وختم المنتجعات بالشمع الأحمر يشكّل إجراءً إدارياً للوزارة، لا علاقة له بالحكم القضائي». ليردّ نصّار على عويدات مساءً، وفق معلومات «الأخبار»، بكتابٍ أصّر فيه على تبرير الإقفال بناء لقراري محكمتي التمييز والاستئناف معاً.
في الأمر «بدعة قانونية» بتأكيد مراجع قضائية. وفي المعلومات أيضاً أن عويدات سيرد اليوم على الردّ بكتابٍ جديد ستكون فحواه «عدم جواز اعتماد قراري التمييز والاستئناف معاً، لأن قرار الاستئناف انتفى وجوده بمجرّد نقضه من التمييز. وأنه كان على الوزارة اتخاذ قرارات على شاكلة إلزام أصحاب المنتجعات بمهلة لتقديم طلبات الترخيص».
ويعود أساس الملاحقة القضائية إلى شكوى قدّمها العدو الإسرائيلي وقوات اليونيفيل عام 2013 من اجتياز طيور البط التي يربيها أصحاب المنتزهات الخط الأزرق الذي يمر وسط النهر. يومها استجابت الدولة اللبنانية للشكوى ممثلة بوزارتي الدفاع والداخلية اللتين طلبتا الكشف على وضع المنتزهات.
تفاعُل القضية ذات البعد السياسي، شغّل محركات عين التينة، وبوساطةٍ من رئيس مجلس النواب نبيه بري، اجتمع نصّار بوفدٍ من أصحاب المنتزهات يرأسه النائب قاسم هاشم، وصرح نصار بعده بأن «إعادة فتح المنتجعات لا يكون إلا من خلال الترخيص لها عند استكمال الإجراءات القانونية». لكنّ مصادر اللقاء أكّدت لـ«الأخبار» أن ما اتّفق عليه مختلف. إذ رسا تصوّر الحل، على أن يقدّم أصحاب المنتزهات طلبات الترخيص، فيعطي الوزير بناء لذلك توجيهاته برفع أختام الشمع الأحمر، وتُستكمل الإجراءات والمنتجعات مفتوحة، على أن ترفع الوزارة الأقفال ضمن حدٍ زمني يتراوح بين الساعات المقبلة ونهاية الأسبوع كأقصى مهلة، وإلا فإنّ الملف سيشهد «تصعيداً»، على ما تقول المصادر.
بمنطق الأمور، لا يمكن التعامل مع القضيّة من خارج السياق الذي يفرُض النظر إليها بأبعادِها المُزعِجة للعدو، عوضاً من تضييق المنظار وحصره بالشقّ القانوني. ليس تشجيعاً على مخالفة القانون، إنما بميزان المصلحة الوطنية، كان أمام وزير السياحة خيار عدم استعجال الإقفال واتخاذ أي نوعٍ من الإجراءات العقابية، لا لشيء سوى لأن الاستثمار في هذه النقطة الحدودية مع فلسطين هو فعل مقاومة بوجه عدوٍ لم يترك وسيلةً إلا واستخدمها للتضييق على أصحاب الأرض ومستثمري المنتزهات.

قرار محكمة التمييز الجزائية عام 2019

قرار محكمة التمييز الجزائية عام 2022

كتاب مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الى وزير السياحة وليد نصّار

كتاب وزير السياحة وليد نصّار إلى مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات