قبل ثلاثة أعوام، غداة وقوع انفجار الرابع من آب، قرّرت «بلدية بيروت» تلزيم شركات خاصة مهمة تدعيم الأبنية والواجهات في العاصمة، بخاصة تلك التي تضرّرت بشكل كبير بعيد الانفجار. هذه الأعمال توقفت قسراً كما يؤكد لنا عضو البلدية أنطوان سرياني «لسببين، الأول امتناع أصحاب المباني أنفسهم عن عمليات التدعيم، والتذرّع بأنها أملاك خاصة، والسبب الثاني يعود إلى انهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وتغيّر أسعار المناقصات التي اتفق على أساسها مع هذه الشركات الخاصة».هكذا، أجهضت أعمال التدعيم، وتُرك سكان الأبنية المتصدعة لمصيرهم، لنضحي اليوم أمام مشهد الهزّات الأرضية وارتدادات الزلزال الذي أصاب كل من تركيا وسوريا، يضاف إليه سوء الأحوال الجوية، التي دفعت برئيسة «الهيئة اللبنانية للعقارات» أنديرا الزهيري، قبل أيام للتحذير من خطورتها على الأبنية القديمة التي «تفتقر إلى المعايير السليمة الآمنة». وتعود أمس، وتنبّه في بيان، شاغلي هذه الأبنية المتصدعة المحصى عددها بحوالي 1620 ألفاً في بيروت، (من دون احتساب منطقة المرفأ ومحيطها الذي يحوي على أكثر من 10460 مبنى متضرّراً ومهدّداً بالسقوط). ويفيد بيان الزهيري بأن معظم سكان هذه المباني، عجزوا عن ترميمها أو إصلاحها بسبب انهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار وغلاء أسعار السلع ومواد البناء، إلى جانب غياب دور القضاء في بت النزاعات بخاصة لأصحاب الأملاك وتمكينهم من إصلاح أبنيتهم .
الزهيري، وفي اتصال مع «الأخبار»، أكدّت ارتفاع عدد هذه المباني جراء ارتدادات الهزة الأرضية، ودعت «إدارة مخاطر الكوارث» و«الهيئة العليا للإغاثة» إلى مسح جدي وواقعي لهذه الأبنية كي يصار إلى تصنيفها بين «الأكثر خطورة»، و«الأقلّ خطورة»، ويُصار إلى هدم البعض منها بخاصة المهدّدة بالسقوط وتأمين السكن البديل لقاطنيها. تصف الزهيري ما يحصل اليوم بـ«الكارثة»، في ظل الانهيار الاقتصادي وإقفال المحاكم وسوء الأحوال الجوية. إذ اجتمعت هذه العوامل لتعيق أعمال تصنيف المباني وغياب تدعيمها وإصلاحها.
إلى جانب انفجار المرفأ الذي أسهم بزيادة عدد المباني المتضرّرة، بخاصة مع إيقاف عمليات التدعيم في الغالب منها، وانتشار فضائح استخدام مواد بناء فاسدة في بعضها كما تقول. بدورها، «نقابة المالكين»، لفتت، إلى وجود «أكثر من عشرة آلاف مبنى مهدّد بالانهيار في بيروت فقط، والمالك القديم عاجز عن ترميمها».
من جهتها «دائرة العلاقات العامة» في «بلدية بيروت» وفي بيان لها، طلبت من الدوائر الفنية المختصة في البلدية، أن تكون على أهبّة الاستعداد للتدخل عند حصول أي طارئ قد يحصل جراء العوامل الطبيعية «لتجنّب أيّ خطر أو ضرر قد يلحق بالمواطنين» .كما دعا محافظ بيروت مروان عبود سكان العاصمة إلى التبليغ عن أي تشقّقات أو تصدّعات ظاهرة في الأبنية، ليصار إلى إرسال مهندسين وفنيين من البلدية للكشف الفوري عنها، «لمنع وقوع أي ضرر قد يهدّد حياة المواطنين وسلامتهم».