تحمّل وزارة التربية وروابط التعليم منظمة اليونيسيف، والبنك الدولي في لبنان، وكلّ من يعمل تحت راية «الجهات المانحة» المسؤولية عن تعطّل العام الدراسي الحالي، على إثر تراجعها عن وعود يُقال أنّها قطعتها مطلع العام تقضي بـ«تمويل حوافز مالية بالعملة الأجنبية للأساتذة والعاملين في الحقل التربوي»، بغية إطلاق العام الدراسي بشكل سلس ومتواصل ومن دون إضرابات.«الأخبار» تواصلت مع منظمتي «اليونيسيف» و«البنك الدولي» لفهم ما جرى بشكل واضح بينهما وبين الوزارة مع مطلع العام الدراسي الحالي، وما يجري تداوله عن وعود قُطعت ثم نُكثت. المفاجأة كانت أن المنظمتين لم تتردّدا في الإجابة بشكل واضح «نحن لسنا الدولة»، ما يعني عدم الاعتراف بأيّ من الوعود التي أطلقها وزير التربية عباس الحلبي بثقة عالية، عن دور الدول المانحة في إنقاذ العام الدراسي لدرجة «طلب الاستقالة من الأساتذة الذين لا تعجبهم هذه التقديمات». وهذا ما يذكره كلّ من حضر جلسة 28 أيلول الفائت، المشتركة مع مسؤول منظمة «اليونيسيف» في لبنان إدواردو بيجبدير. يومها أكّد الحلبي «دفع 130 دولاراً كحوافز»، وبحسب حاضرين في المؤتمر «رفع بيجبدير إبهامه موافقاً على كلام الوزير».

لا عهود
ولكنّ منظمة اليونيسيف تؤكّد رداً على أسئلة «الأخبار» أنّها «لم تتعهد دفع حوافز للأساتذة بالعملة الأجنبية». في المقابل تشير إلى «مدفوعات مستقبلية بالدولار، محصورة بصناديق الأهل، ولجان المدارس». أما البنك الدولي، فلا يشير إلى دفع أيّ مبلغ هذه السّنة، ولكنّه في صدد «النقاش مع وزارة التربية الدعم الممكن توفيره لإعادة افتتاح المدارس». يتابع البنك الدولي «ودعم الحكومة اتخاذ إجراءات ملموسة في سبيل تحسين كفاءة قطاع التعليم في لبنان واستدامته المالية على المدى الطويل».
اليونيسيف: لا يوجد أيّ خطة لدمج السّوريين مع اللبنانيين في دوام واحد


وخلال العام الدراسي الماضي، يؤكّد البنك الدولي «موافقته ووزارة الخارجية والتنمية البريطانية على دفع مبلغ 37 مليون دولار من الصندوق الائتماني للأزمة السورية في لبنان (LSCTF)، بغية تقديم حوافز مالية لمعلمي المدارس الرسمية»، وكان الدفع مشروطاً بـ«مزاولة العمل خلال 90% من الأيام، كحدّ أدنى للعاملين في الدوامين الصباحي والمسائي»، وبناءً على هذا الطلب «أعادت وزارة التربية إدخال معلومات المعلّمين والموظفين في نظام إدارة المعلومات SIMS، بما فيها المعلومات المالية العامة، وساعات التدريس، إلى جانب تكليف جهة مراقبة مستقلة مهمّة التحقق من حضور المعلمين، وتقديمهم للدروس والتأكد من صرف الحوافز للمعلمين، وموظفي المدرسة المؤهلين فقط».
وجود شركة تدقيق خاصة تؤكّد اليونيسيف عليه أيضاً، بعد طرح السّؤال ذاته عليها، وإجابتها عليه بشكل مستقل.

...ولا دمج للسّوريين
وبعد انتهاء الفصل الأول من العام الدراسي في القطاع الرّسمي، يظهر أنّ إبهام بيجبدير المرفوع لم يعنِ شيئاً، فلا حوافز تدفع، ولا أموال في وزارة التربية، والعام الدراسي على حافة الهاوية. ولتبرير كلّ ما سبق، و«شدّ العصب اللبناني»، تسوّق جهات في وزارة التربية «اشتراط الجهات المانحة دمج السّوريين مع اللبنانيين للدفع». رداً على هذا السّؤال تنفي اليونيسيف «وجود أيّ خطة لدمج السّوريين مع اللبنانيين في دوام واحد، وفي المقابل تدعو إلى حصول جميع الأطفال على تعليم جيّد وشامل بغض النظر عن جنسيتهم».
وعليه، لن تدفع الجهات المانحة أيّ أموال لأساتذة التعليم الصباحي، و«لن تغطي أي علاوات أو مساعدات اجتماعية إضافية». ويقابل الأمر الاستمرار بدفع رواتب حوالي 12500 أستاذ في الدوام المسائي (تعليم السّوريين) بشروط لم تحدّدها بشكل تفصيلي، ولكنّها أشارت إلى وجود البنود في «اتفاقية موقعة مع وزارة التربية في أيار 2022»، بالإضافة إلى الإشارة لـ«وجود نقاشات حول علاوة إنتاجية للأساتذة والعاملين في الدوام المسائي».

تصرّفوا كدولة
ورداً على سؤال عن «رؤية المنظمة لطريقة حل مشكلة الإضراب الحالي للأساتذة»، ترى «عدم إمكانية حلول المجتمع الدولي محلّ الحكومة، وتمويلها»، وتدعوها في المقابل إلى «إعطاء أولوية لحلول طويلة الأمد، من خلال ميزانية العام 2023، ودعم المعلّمين، وحفظ كراماتهم، فهم يضطرون للتوقف عن التدريس وإيجاد طرق عمل أخرى لكسب دخلهم». وحول «كيفية مراقبة الأموال التي تدفعها المنظمات في وزارة التربية»، تؤكّد اليونيسيف «توقفها عن تحويل الأموال مباشرة بعد العام الدراسي 2021/2022، واعتمدت الدفع مباشرةً للمعلّمين في الدوام المسائي عبر مكاتب شركة OMT».