من دون سابق إنذار، تراجع وزير الدفاع الوطني موريس سليم عن إصراره على عدم التوقيع على قرار الفصل الصادر عن قائد الجيش جوزيف عون، بتعيين العميد منير شحادة مديراً عاماً للإدارة في الجيش لإحالة اللواء مالك شمص على التقاعد غداً. لم يبرّر الوزير هذه العودة إلى الوراء، بل قدّمها من دون مبرّرات بعدما رفع سقف كلامه إلى حدّ تأكيده أنّه لن يوقّع قرار فصل شحادة على اعتبار أن أُمرة المديريّة تابعة لوزارة الدفاع وليس للمؤسسة العسكريّة، وبالتالي فإن قرار الفصل هو «تعدٍّ من قبل عون على صلاحيات الوزير». استناداً إلى هذه الحجج القانونيّة، امتنع سليم لنحو 10 أيّام عن التوقيع، كما امتنع عن التوقيع على قرار فصل العميد جرجس ملحم لتسيير أعمال المفتشيّة العامّة في الجيش، وكان يؤكّد أنّه بصدد تعيين الضابط الأعلى رتبةً في المديريّة العامّة للإدارة، بغضّ النظر عن طائفته. لكن كلّ ذلك لم يحصل، بل رضخ سليم بعد أشهرٍ من الصراع على الصلاحيات بينه وبين قائد الجيش لقرار الأخير بالتعيين!داخل المؤسسة العسكريّة، لا شيء يوحي بأن الخلاف بين الرجلين انتهى، أو أن ما فعله سليم ناجم عن نجاح الوساطات الساعية إلى حلّ هذا الخلاف، وإنّما صُدم المعنيون في الجيش بقرار الوزير. البعض يُشير إلى أنّ الأمر مرتبط برغبة الثنائي الشيعي بهذا التعيين باعتبار أن حزب الله وحركة أمل يرفضان أن يتسلّم غير شيعي المديريّة كوْن هذا المنصب يُعدّ أعلى منصب شيعي في الجيش والمدير العام للإدارة (المُعيّن بالأصالة) هو عضو في المجلس العسكري.
هذا الكلام أثار حفيظة بعض المسؤولين الأرثوذكس، لأن سليم وقّع قرار فصل شحادة الصادر منذ نحو 10 أيّام من دون أن يوقّع قرار فصل العميد ملحم إلى المفتشيّة العامّة، بل قام بتعيين ضابط آخر لهذا المنصب. وهذا ما عبّر عنه الأمين العام لـ«اللقاء الأرثوذكسي» النائب السابق مروان أبو فاضل، الذي استهجن رفض وزير الدّفاع تعيين أقدم ضابط أرثوذكسي رتبةً العميد ملحم لهذا الموقع، مشيراً إلى أنّ «موقع المفتش العام في الجيش اللبناني مخصّص لطائفتنا، وبالتالي يجب أن يكلّف بتسيير أمور هذه المفتشية ضابط أرثوذكسي وليس ضابطاً من طائفة أخرى حفاظاً على التوزيع الطائفي والمذهبي في المجلس العسكري»، مطالباً سليم بـ«العودة إلى استقامة الرّأي، إذ إنّ تصحيح الخطأ فضيلة».
وأكد أبو فاضل لـ«الأخبار» أن «سليم وقّع على مرسوم تعيين الضابط، ولكن حينما يأتي الدور على التمثيل الأرثوذكسي، فإن الوزير يظنّ أن المنصب مستباح ولكنه مخطئ». ما يزعج الأمين العام لـ«اللقاء الأرثوذكسي» أن سليم كان يجب أن يكون حريصاً على هذا التمثيل باعتباره أرثوذكسياً، ولكن «المشكلة من يأتي بالمسؤولين الأرثوذكس ومن يأخذهم».