بعد عنجر، بعلبك، جبيل، صور، ووادي قاديشا، قرّرت لجنة التراث العالمي في اليونيسكو، في دورتها الاستثنائية التي عُقدت أمس، إدراج معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس على قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر.وذكر بيان وزّعته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، أن لجنة التراث العالمي لجأت «إلى اتباع إجراء عاجل لإدراج هذا الموقع نظراً إلى حالة صونه المثيرة للقلق ونقص الموارد المالية اللازمة لصيانته والمخاطر الكامنة في مقترحات تطوير المجمَّع التي قد تضر بسلامته. لذلك أُدرج هذا الموقع في قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر، مما يفسح أمامه المجال للحصول على مساعدة دولية معزَّزة على الصعيدين التقني والمالي معاً».
ورداً على سؤال عن توقيت إدراجه، بما أن اليونيسكو لم تعلن بعد عن كلّ المواقع للعام 2023، أوضحت رئيسة بعثة لبنان الدائمة لدى الأونيسكو سحر بعاصيري، على صفحتها على تويتر، أن اللجنة كانت منعقدة أمس بشكل استثنائي «ويحق للدولة التي تقدمت بملف للتسجيل بصفة عاجل أن تطلب مناقشته في الجلسة الاستثنائية. وهذا ما حصل».

تتويج لجهود طويلة
ويأتي إدراج المعرض ليتوّج جهوداً طويلة بذلت في هذا الإطار منذ العام 2018، عندما تمّ إدراج المعرض ضمن المواقع المرشّحة للدخول في القائمة، إلى أن أبصرت النّور أمس. وفيما لقي القرار ترحيباً واسعاً، سياسياً بالدرجة الأولى، طرحت العديد من التساؤلات التي تحتاج إلى أجوبة من قبل مهتمين ومعنيين بالأمر أعادوا التذكير بالإهمال اللاحق بالمعرض منذ إنشائه.
فالمعرض يعتبر تحفة فنّيّة معماريّة، ويتمتّع بقيمة اقتصاديّة مهمّة، منذ أن بدأ المهندس المعماري الشهير أوسكار نيماير تصميمه في العام 1962، وقبل أن تبدأ عملية بنائه في العام 1967، لتتوقف نهائياً مع بداية الحرب الأهلية في العام 1975. لكن رغم انتهاء الحرب عام 1990، لم يُستأنف العمل به لأسباب مختلفة، رغم العديد من المحاولات التي باءت جميعها بالفشل. ولعقود، اقتصر النشاط فيه على إقامة نشاطات محدودة ثقافية (معرض كتاب)، وترفيهية، ومحاضرات ومهرجانات سياسية وفنّية، رغم أنّه أنشئ ليكون مكاناً حصرياً لإقامة المعارض الدولية في لبنان. وفي السّنوات الأخيرة دخل في سبات عميق، كما تم إقفال الفندق الخاص به، وهو فندق «كواليتي إن»، الذي هو للمفارقة الفندق الوحيد الذي كان موجوداً في المدينة.
طرابلس ليست بحاجة إلى تحفة فنّية إضافية بل تحتاج إلى تشغيل واستنهاض


يقع المعرض تحت وصاية وزارة الاقتصاد والتجارة، وتبلغ مساحته مليون متر مربع، ويضمّ 120 ألف متر من الحدائق، 20 ألف متر من البرك المائية، 20 ألف متر مخصّصة لقاعات المعارض والمؤتمرات، ونحو 20 ألف متر كسقف يمكن استغلاله وضمّه لقاعة المعارض، ويقع في منطقة تعدّ من أغلى المناطق في طرابلس من حيث ارتفاع أسعار العقارات فيها.

محاولات لم تر النور
ومع أنّ المعرض شهد خلال سنوات ما بعد انتهاء الحرب الأهلية اقتراحات عدّة لاستكمال بنائه وتشغيله، مثل أن يكون مقرّاً للمنتجات الصينية في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط بعدما زارته وفود صينية قبل أكثر من عقد ونيّف للإطلاع عليه، أو مقرّاً لشركات اتصالات أو شركات إلكترونية وكومبيوتر وإنترنت ومثيلاتها، لكنّها جميعها بقيت مجرد أفكار لم ترَ النّور، وبقي المعرض على حاله من النسيان الذي كان عليه منذ أكثر من 4 عقود، إلى أن شهدت السنوات الأخيرة اهتراءً وتشققاً في بعض أبنيته وأسقفه وجدرانه وأعمدته بفعل الإهمال وغياب الصيانة بسبب عدم وجود تمويلٍ كافٍ، وعدم إيلاء السّلطات الرسمية المعنية أيّ اهتمام بهذا المرفق الحيوي.
رئيس وأعضاء مجلس إدارة المعرض، الذين كان بعضهم خارج السّمع، والبعض الآخر فضّل عدم الإدلاء بأيّ موقف قبل اجتماع مجلس الإدارة والتداول في أمر التصنيف واتخاذ موقف موحد، أوضحت مصادر فيه لـ«الأخبار»، فضّلت عدم الكشف عن اسمها، أنّه «إذا كان الهدف من التصنيف المساعدة في ترميمه واستنهاضه والحفاظ عليه فهذا شيء إيجابي، أما إذا كان الهدف تجميده بعد ترميمه، ليكون تحفة فنّية في طرابلس، فإنّ طرابلس ليست بحاجة إلى تحفة فنّية إضافية، بل تحتاج إلى تشغيل واستنهاض مرفق مؤهّل لأن يكون مدينة معارض بكل معنى الكلمة، يؤمن مئات فرص العمل، وينقل المدينة والشمال ولبنان نحو واقع اقتصادي أفضل».