الهرمل | أكثر من 40 معلماً يأتون من خارج الهرمل، بدءاً من زحلة وصولاً إلى المناطق الحدودية مع سوريا شمالاً، توقفوا عن الالتحاق بدوامهم في مدارس المدينة، بسبب بُعد المسافة عن منازلهم. ولتقليص الخسائر، تدخلت وزارة التربية السنة الماضية وأصدرت آلية النقل الجزئي وبموجبه تمّ جمع حصص القادمين من خارج الهرمل في يوم واحد أسبوعياً على أن تقسم الساعات المتبقيّة ليكتمل نصاب الحصص القانوني على مدارس قريبة نسبياً من أماكن سكن الأساتذة. هذا القرار «أضرّ بالمدرسة والمدرّسين على حد سواء» يقول مدير ثانوية الهرمل النموذجية حسين المقهور. «أصبح لدينا مشكلة في جدولة المواد ضمن البرامج الأسبوعية نظراً إلى حصر الساعات في يوم واحد للعديد من الأساتذة ما أثّر سلباً على الفائدة التعليمية المرجوة». كما أنّ الأستاذ المعني بالقرار «لم يستفد كثيراً. فبدل الرحلة الطويلة نحو الهرمل، قُسّمت هذه الرحلة على مدارس قريبة من محلّ سكنه نسبياً. صحيح أنّ الكلفة انخفضت عن سابقتها لكنها لا تزال مرتفعة».
بدورها تنتقد مديرة ثانوية الهرمل ــ المرح دنيا الساحلي لأنه «عندما حُصر دوام الآتين من بعيد في يوم واحد، ازدادت أيام التدريس يوماً إضافياً للأساتذة غير المستفيدين من القرار والمتأثرين بتكلفة الوصول مثل القادمين من أطراف الهرمل. وبالتالي سيتغيّبون عن اليوم المستجد في برامجهم». وفي هذه الحالة «يكفي أن يتغيّب أحد الأساتذة عن يوم دوامه الوحيد في الهرمل، حتى يصبح الطلاب عرضة لانتظاره 15 يوماً ليعاودوا دراسة المادة».
وهذا أكثر ما يتوقف عنده المقهور «إذا تغيّب الأساتذة الآتون من مناطق أخرى لسبب أو لآخر، فإن ثلث عدد التلامذة سيكونون في ساحة الملعب وهذا يكفي لتدمير العمليتين التعليمية والانضباطية النظامية على حد سواء». وفي السياق نفسه يلفت رزق مرضى، مدير ثانوية الهرمل، إلى تفصيل مختلف «لدي ثلاث معلمات يأتين في سيارة واحدة تغيُّب إحداهن يتسبب بتغيب الأخريات ما يحدث إرباكاً تعليمياً وتنظيمياً».
لم تنجح آلية النقل الجزئي في حلّ مشكلات المعلّمين


ويحذّر المديرون عموماً من النتائج الكارثية المترتبة على سير الأساتذة البعيدين بقرار الإضراب أو التغيّب القسري، فيصبح العام الدراسي المتبقّي مهدّداً وبشكل كبير وفق الظروف الراهنة واستحالة إيجاد البدائل في منتصف العام الدراسي.
في الوقت الحالي لا يمكن السير بفكرة النقل الكلي، أولاً لأن القانون يشترط أن يخدم الأستاذ خمس سنوات للانتقال من منطقة إلى أخرى، وسبع سنوات للانتقال من محافظة إلى أخرى «وهو أمر غير متوافر لدى معظم الأساتذة في الملاك. ثانياً لن يشكل حلّاً لمن يأتون مثلاً من ضواحي الهرمل البعيدة (القصر، البعول، زغرين...). العائق الثاني تربوي محض، تفصّل الساحلي قائلة «سيُعوَّض الأساتذة المنتقلون بمتعاقدين لا يملكون الكفاءة والخبرة اللازمتين اللتين يمتلكهما الأساتذة المثبتون الخاضعون للدورات التدريبية من الوزارة». لكن من قال إن المتعاقدين يجدون في استمرارهم بالعمل فكرة مغرية، خصوصاً لمن باتوا يملكون عقوداً في مدارس خاصة وجمعيات مدنية؟
من الحلول الأخرى التي تم تداولها هو بدل النقل المتحرّك نسبة إلى أسعار المحروقات والبُعد الجغرافي. وهذا اقتراح يواجه صعوبة في الإحصاء والاحتساب بدقة، والخوف من استغلال الظرف والتحايل لحسابات شخصية ومنفعية.