أربع سنوات مرّت على إعلان وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق بدء العمل لبناء إصلاحية نموذجية للأحداث في الوروار، ضمن المبنى التابع للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، على أن ينتهي تجهيزها خلال 18 شهراً، أي عام 2020. بعد ذلك، أعلنت وزيرة الداخلية السابقة ريا الحسن، في مقابلة مع مجلة «الأمن العام» في تموز 2019، عن «وضع الحجر الأساس قريباً لسجن الوروار المخصّص للأحداث» (مجلة الأمن العام العدد 70 السنة السادسة). وفي اجتماع في 18/11/2022، برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للبحث في كيفية حماية الأطفال، أعلن وزير الداخلية بسام المولوي تجهيز مركز لإصلاح الأحداث في الوروار. في 5/12/2022، صدر قرار مجلس الوزراء بإنشاء المركز، فهل يبقى حبراً على ورق، أم تُترجم الوعود إلى هدية العيد للقاصرين المحكومين والموقوفين؟ رغم بدء العمل في إنشاء المعهد منذ عام 2018، إلّا أنه قد يكون الإهمال أو الأزمة الاقتصادية وإفلاس الدولة وراء تأخير افتتاحه. لكن، هل تحتمل الظروف الصعبة التي يعاني منها الأحداث في سجن رومية مزيداً من التأخير؟ وألا يستحق هؤلاء فرصة حقيقية لأن يضمّهم معهد تأديبي وفق ما نصّ عليه القانون لإصلاحهم وإعادة تأهيلهم؟
تختلف الأجوبة عندما يتعلق الأمر بموعد افتتاح المعهد. مصادر في وزارة الداخلية والبلديات أكّدت أن المعهد الذي يموّل بناءه الاتحاد الأوروبي والوكالة الإيطالية للتنمية والتعاون، سيكون جاهزاً في صيف 2023 لاستقبال كل الأحداث الموجودين في سجن رومية المركزي. وأكّدت انتهاء الأعمال الإنشائية، في انتظار اكتمال التجهيزات الداخلية. فيما يؤكد رئيس جمعية «عدل ورحمة» الأب نجيب بعقليني أنه كان يُفترض افتتاح المعهد في شباط 2022 قبل أن يتقرّر إرجاء الافتتاح إلى شباط 2023. ويوضح أن المبنى الذي يضم مراكز ومشاغل ونشاطات عدة تساعد على إعادة تأهيل الحدث وإصلاحه، لا يزال يحتاج إلى تجهيزه من الداخل كتأمين الأسرّة للغرف. ويضيف: «كل خمسة أشهر بِقولوا إنه خُلِص وعم يجهزوه من جوا».
من جهتها، تشير ممثلة «الحركة الاجتماعية» شارلوت طانيوس، إلى أن المعهد سيفتح أبوابه بين نهاية آذار ومطلع نيسان المقبلين. وتلفت إلى أنه بعد نقل جميع الأحداث إلى المعهد التأديبي في الوروار، سيُعمل على زيادة زيارات الأهالي بعد تراجعها في السجن المركزي، لأن الطفل الحدث يحتاج إلى معاملة خاصة وزيارات مكثفة للأهل لأن ذلك يساهم بشكل أساسي في تحقيق هدف الإصلاح وإعادة التأهيل.

تعريف مصلحة الأحداث
بموجب القانون 422، تتولى مصلحة الأحداث لدى وزارة العدل تنظيم شؤون الأحداث، وتضع الخطط الوقائية والتأهيلية المناسبة وتشرف على تطبيقها وتنسّق مع الوزارات المعنيّة ومع القطاع الأهلي وفقاً للمعايير التي يحدّدها القانون، بموجب مراسيم تنظيمية تُتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير العدل. رغم مرور 20 عاماً على صدور القانون، لم توضع المراسيم التنظيمية كي يحدد وزير العدل الجمعيات المعتمدة لدى مصلحة الأحداث.
تمّ إنشاء معهد تأديب خاص بالسجينات القاصرات في مستشفى ضهر الباشق الحكومي عام 2004، أما الأحداث الذكور ففي انتظار معهد الوروار


وإلى أن تستكمل مصلحة الأحداث تنظيمها، يستمر الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان بممارسة المهام التي كانت منوطة به بحسب القوانين السابقة والتي تقتضيها أحكام القانون 422. وتستمر وزارة العدل في إجراء اتفاقات مباشرة مع مؤسسات أو جمعيات أخرى متخصصة للقيام ببعض المهام وفق معايير تُحدد بموجب مراسيم بناءً على اقتراح وزير العدل. (مادة 52-53 من قانون 422)

إجراءات التأديب
قسّمت المادة 5 من القانون 422 التدابير والعقوبات التي تُفرض على الحدث إلى قسمين:
• تدابير غير مانعة للحرية
• تدابير مانعة للحرية.
ويُعدّ التأديب من التدابير المانعة للحرية التي تلي الإصلاح من حيث الشدة. وتقضي بوضع الحدث في معهد للتأديب لمدة أدناها ثلاثة أشهر. وتُعتبر أشد من التدابير غير المانعة للحرية. وفي كل الأحوال يجوز للقاضي أن يتخذ تدابير احترازية وفقاً لأحكام هذا القانون. التدابير والعقوبات التي تُفرض على الحدث هي:
التدابير غير المانعة للحرية:
- اللوم
- الوضع قيد الاختبار
- الحماية
- الحرية المراقبة.
- العمل للمنفعة العامة أو العمل تعويضاً للضحية.
تتدرّج هذه التدابير بين أخفّها وهو اللوم (البند 1) وأشدّها موضوع البند (5).
أما التدابير المانعة للحرية فتُعتبر أشد من التدابير غير المانعة للحرية:
- الإصلاح
- التأديب
- العقوبات المخفّضة



قرار مجلس الوزراء بتمويل أوروبي
قرّر مجلس الوزراء بتاريخ 5/12/2022 إنشاء مركز تأديب للأحداث بتمويل من بعثة الاتحاد الأوروبي، إذ سبق لمجلس الوزراء أن وافق بموجب قراره رقم 62 بتاريخ 15/2/2018على اتفاقية تمويل بين بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان والجمهورية اللبنانية ممثَّلة بوزارة الداخلية والبلديات بشأن تطوير العدالة الجنائية والعدالة ذات الصلة بالأحداث في لبنان. ونصّت الاتفاقية على استكمال وتوسيع البناء في منشأة لصالح المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في منطقة الوروار، وذلك بالمساعدة الفنية من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة بغية نقل الأحداث من الجناح الخاص لهم في مبنى الأحداث في سجن رومية إلى مركز تأهيل يتلاءم والمعايير الدولية لمصلحة الطفل الفضلى.
تطبيقاً للقانون الرقم 422 تاريخ 6/6/2002 المتعلق بحماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرّضين للخطر، ولا سيّما المادة 5 التي نصّت على تدبير التأديب ضمن التدابير المانعة للحرية والمادة 51 على إنشاء معهد تأديب. وبما أنّ الإنشاءات التي أضيفت إلى المبنى القائم في الوروار أصبحت في مراحلها الأخيرة وكذلك التجهيزات ليصبح صالحاً لنقل الأحداث المخالفين للقانون والموقوفين والمحكومين من سجن رومية، أعدّت وزارة العدل بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدّرات والجريمة مشروع مرسوم يرمي إلى إنشاء معهد تأديب للأحداث المخالفين للقانون في محلة الوروار، ليتم نقل الأحداث من سجن رومية إليه، يراعي المعايير الدولية ويحقق مصلحة الطفل الفضلى على غرار المرسوم رقم 11859 تاريخ 11/2/2004 الخاص بإنشاء معهد تأديب للقاصرات المخالفات للقانون.
وبعد أن أبدت وزارة الداخلية والبلديات ومجلس شورى الدولة موافقتهما على مشروع المرسوم عرضت وزارة العدل الموضوع على مجلس الوزراء الذي قرّر بدوره الموافقة على إنشاء مركز تأديب للأحداث يوضع فيه القاصرون المحكومون منهم والموقوفون، في منطقة الوروار.