إنّ الانتساب إلى كليّة الحقوق لا يشترط إجراء امتحانات دخول، لكن متابعة الدروس والنجاح ليسا بالأمر اليسير، وهو ما تؤكّده نسبة النجاح في السنوات الدراسية وأعداد الخرّيجين. كما يشكو الطلاب من صعوبة اجتياز الامتحانات وكثافة المواد، وعدم الانتظام بين موعد إعطاء الدروس وموعد إجراء الامتحانات بسبب الإضرابات المتكررة.مرّت كلية الحقوق في مدّ وجزر تبعًا للظروف السياسية والأمنية والاقتصادية، لكنها حافظت على الحدّ الأدنى من مكانتها ومستواها الأكاديمي. وهي، اليوم، تعاني أزمات خانقة، حالها حال غيرها من كليّات الجامعة اللبنانية. فشحّ المازوت في مجمّع الحدث الجامعي، كما في بقية الفروع، دفع بالإدارة إلى إرجاء بعض الامتحانات، وارتفاع كلفة النقل والمواصلات منعَ كثيرين من الحضور.
كذلك يشكو الطلاب من ارتفاع أسعار الكتب والمطبوعات التي تُسعّر بالعملة الأجنبية. ويعمد بعض الأساتذة إلى إلزام الطلاب شراء طبعات جديدة من مؤلفاتهم، من دون أن يكون هناك تغيير جوهري في محتواها.
ودفعت حدّة الأزمة الاقتصادية وتدنّي قيمة الرواتب ببعض أساتذة الكليّة إلى الهجرة، بعدما أصبح راتب الأستاذ الجامعي لا يتعدّى الـ ٩٠ دولاراً شهرياً.
ويعاني طلاب الكليّة صعوبة في فهم المقررات التي تُدرّس باللغات الأجنبية، وهي مشكلة تتطلّب معالجتها دورات تدريبية، لأنّ معظم القوانين مستوحاة من قوانين أجنبية، وتحديدًا القانون الفرنسي. كذلك يغيب التطبيق العملي عن كليّة الحقوق، إذ لم تجر أي محاكمة صورية في الجامعة، علمًا أنّ هذه التقنيات هي أفضل تطبيق عملي يحتاج إليه طلاب القانون لاكتساب المهارات القانونية والشخصية، ولتعلّم فنّ المرافعة الذي يتطلّب قدرات كبيرة في التواصل والإقناع، والاستعداد لدخول مضمار العمل القضائي. وقد بات إنشاء محكمة صورية حاجة ضرورية في كليّة القانون، علمًا أن إنشاءها لا يتطلّب مصاريف ضخمة.

تقصير وإجحاف
لم تشهد كليّات الجامعة اللبنانية انتخابات للمجالس الطلابية منذ عام ٢٠٠٨ لـ«أسباب أمنية»، ما يؤدي إلى تعطيل الحلول الممكنة لبعض المشاكل التي يعانيها الطلاب. إذ إن من مهام هذه المجالس التنسيق مع الإدارة في ما يتعلق بالبرامج الدراسية، وتأمين المطبوعات للطلاب بأسعار مقبولة والقيام بنشاطات أكاديمية والتنسيق مع الأساتذة. كما يفترض أن تكون المجالس الطلابية صلة وصل بين الطلاب وكل من الإدارة والأساتذة. وقد أدّت سيطرة بعض الأحزاب السياسية على مفاصل فروع الكليّة إلى وقوع بعض إدارات الفروع تحت سيطرتها.
ويشكو بعض طلاب الكليّة من أن أعضاء المجالس والنوادي الطلابية الحاليين، يحصلون على تسهيلات وامتيازات خاصة سمحت لبعضهم باستعمال مختلف أساليب الغش والتلاعب بالنتائج وتسريب أسئلة الامتحانات. وبلغ تمادي بعضهم حدّ إدخال هواتفهم إلى قاعات الامتحانات الخطية. والمأساة هي عندما يتخرّج هؤلاء ويدخلون أروقة قصور العدل والوزارات والإدارات العامة والمؤسسات الخاصة، كمحامين وقضاة ورجالات قانون، من دون أن يفقهوا من القوانين شيئاً، ما يذكّر بما حدث خلال الحرب الأهلية، عندما حصل بعض القيادات الحزبية على شهادة الحقوق عن طريق التزوير أو التهديد.
يعمد بعض الأساتذة إلى إلزام الطلاب شراء طبعات جديدة من مؤلفاتهم من دون تغيير جوهري في محتواها


لكن، رغم كل ما تعانيه الكليّة من تقصير وإجحاف من السلطة السياسية، تستمر جامعة الوطن في تخريج أجيال من الشباب المثقّف من مختلف مكوّنات المجتمع. وبتنا نرى طلابًا وخريجين ورجال قانون وقضاة ومحامين وأساتذة خرجوا من بيئات فقيرة، وحملوا على عاتقهم إحقاق الحق وصَون العدالة من دون تمييز أو تفرقة.
ويبقى أن التعبير عن الرأي والغضب حقّ مشروع لكل طالب، ولو حاول بعض المستفيدين من تدمير هذا الصرح الوطني إخفات هذه الأصوات. إلا أنّ التغيير لن يحصل إلا برصّ صفوف الحركة الطلابية ورفع الصوت، والابتعاد عن الحسابات الفئوية الضيّقة. فالجامعة التي تأسّست على وقع نضال الطلاب وتعاضدهم لن تنهض إلا بروح الشباب، وفي طليعتهم طلاب كلية الحقوق والعلوم السياسية.



1959
نالت بيروت في العهد الروماني شهرة كبيرة كأهم معهد للقانون في أنحاء الإمبراطورية الرومانية. فقد أسّس الإمبراطور الروماني لوسيوس سيبتيموس Lucius Septimius، كليّة الحقوق في بيروت في أواخر القرن الثاني للميلاد. وفي القرن الثالث، كان عصر إميليوس بابنيانوس Aemilius Papinianus صاحب أكثر من ستة وخمسين مؤلفاً في الحقوق، شكّلت أساس التشريعات الحقوقية العالمية، لحفظ الحقوق وفضّ المنازعات والاقتصاص من المذنب، وتنظيم العلاقات بين الأفراد والجماعات. وقد كانت المحاكم والقضاء على الدوام الملاذ لكل مظلوم أو صاحب شكوى، فلا غرابة أن تلقّب بيروت بـ«أمّ الشرائع». وقد تأسّست كليّة الحقوق في الجامعة اللبنانية عام ١٩٥٩، وأنشأت قسم العلوم السياسية عام 1960، الذي صار اسمه قسم العلوم السياسية والإدارية عام 1966، لتعرف بعدها باسم «كليّة الحقوق والعلوم السياسية والإدارية».


5
فروع تتوزّع كليّة الحقوق على خمسة فروع تغطّي خمس محافظات لبنانية، يضاف إليها الفرع الفرنسي، مركز المعلوماتية القانونية، ومركز الدراسات اللبنانية القانونية والإدارية والسياسية، ومركز التعاون الأكاديمي البحثي. وتمدّ الكليّة وهذه المراكز لبنان بالكوادر القضائية والقانونية والإدارية، وتتمتع بسمعة جيدة بين سائر الجامعات الأجنبية والخاصة في لبنان.