كان قاسياً اعتراف أحد عناصر فوج الإطفاء، التابع لاتحاد بلديات الفيحاء، خلال اعتصام نفّذه الفوج أمس، أنّه يبحث في حاويات النّفايات عن بقايا وفضلات طعام لإخماد جوع أطفاله. وضعه لا يختلف عن وضع بقية زملائه، من عناصر الفوج وموظفي الاتحاد وعمّاله، الذين مضى عليهم أكثر من 4 أشهر من غير أن يقبضوا رواتبهم وبقية مستحقاتهم، مثل منح التعليم وبدلات الاستشفاء والنقل، ما جعلهم عاجزين عن الذهاب إلى عملهم أو الدخول إلى أحد مستشفيات المدينة للمعالجة في حال أصيب أحدهم بأذى خلال عمله. وكان عناصر الفوج وجّهوا قبل أسبوع، رسالة إلى من يعنيهم الأمر في مدن الاتحاد (طرابلس والميناء والبدّاوي والقلمون)، حذّروا فيها من أنّ «آليات الفوج لا تعمل ولا تستطيع تلبية أيّ نداء استغاثة بسبب نفاد المازوت من الآليات وخزّانات الاتحاد»، ما جعلهم يشترطون على أيّ صاحب نداء استغاثة تأمين كمية من المازوت مسبقاً. وخلال اعتصام الأمس، عمدوا إلى قطع الطريق الدولي في منطقة المحجر الصحّي، حيث مقرّ الفوج والاتحاد، بوضع آليات وسيّارات الفوج وسطه، وأغلقوا مقرّ الاتحاد بالأقفال الحديدية، قبل أن يتوجّهوا مساء في مسيرة إلى أمام منزل وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي، لمطالبته بالتدخّل باعتباره وزير الوصاية على البلديات واتحاداتها.
صرخة فوج الإطفاء لا تشكل إلا واحدة من أزمات الاتحاد، الذي يضمّ 170 موظفاً وعاملاً وعنصراً، وصندوق أموال فارغاً. فقد تأخر الصندوق البلدي المستقلّ في تحويل مخصّصات البلديات واتحاداتها، وكذلك فعلت البلديات المنضوية في الاتحاد، الغارق في خلافات حول من يتولى رئاسته.
هذا الوضع كشفه رئيس الاتحاد حسن غمراوي لـ«الأخبار»، إذ أوضح أنّ «الأزمة ناتجة عن وضع البلد الصعب، وعدم وجود أموال كافية في صندوق الاتحاد». وردّ غمراوي نقص الأموال في صندق الاتحاد إلى «عدم تحويل البلديات المنضوية في الاتحاد المستحقات المالية المترتبة عليها، وتحديداً بلدية طرابلس التي تبلغ مساهمتها في الاتحاد 80% من موازنته، كونها الأكبر، وبلغت المستحقات المتراكمة عليها للاتحاد أكثر من 30 مليار ليرة، فضلاً عن المستحقات المترتبة على بلدية الميناء والتي تبلغ 8 مليارات ليرة»، مناشداً «تحويل هذه المستحقات أو جزء منها من أجل دفع الرواتب فقط، لأشخاص خدموا ويخدمون أهالي البلديات الأربع، ولا يجوز تحويلهم إلى كبش محرقة في أزمة لا ناقة لهم فيها ولا جمل».
علّقت بلدية طرابلس عضويتها في الاتحاد بسبب تولي بلدية البداوي رئاسته


تعود هذه الأزمة إلى أكثر من 3 سنوات ونيّف، عندما سحب المجلس البلدي في بلدية طرابلس الثقة من رئيسه أحمد قمر الدين، فعاشت فراغاً فيها وفي رئاسة الاتحاد بضعة أشهر، قبل أن تنتقل رئاسة الاتحاد إلى نائب الرئيس، وهو رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، ونيابة الرئاسة إلى رئيس بلدية البداوي حسن غمراوي. وبعد حلّ بلدية الميناء، آلت رئاسة الاتحاد إلى غمراوي في سابقة يشهدها اتحاد بلديات الفيحاء منذ تأسيسه مطلع ثمانينيات القرن الماضي، حيث قضى العرف أن تكون رئاسته من نصيب بلدية طرابلس، ورئيس بلدية الميناء نائباً للرئيس. وقد اعترض رئيس بلدية طرابلس السّابق رياض يمق على الأمر، معلّقاً عضوية بلديته في الاتحاد إلى حين تصحيح هذا «الخلل»، الأمر الذي لم يحصل، واستمر الوضع على ما هو عليه.
طروحات عدّة عرضها البعض لإخراج اتحاد بلديات الفيحاء من أزمته، منها أن يبادر غمراوي إلى الاستقالة من رئاسة الاتحاد تمهيداً لإعادتها إلى بلدية طرابلس، لكنّ الأخير نفى أن يكون أحد قد فاتحه في التنازل عن الرئاسة، «مضى على رئاستي لاتحاد بلديات الفيحاء أكثر من 3 سنوات ونصف سنة، فلماذا افتعال الأزمة اليوم؟، كما أن القانون يمنع إجراء انتخابات في رئاسة الاتحاد قبل أقل من 6 أشهر من موعد الانتخابات البلدية المقبلة، فضلاً عن الخلافات في بلدية طرابلس وعدم استقرار الوضع داخلها، في ظل رئيسين يتنازعان حول من يكون منهما الشرعي لرئاسة البلدية، أحمد قمر الدين أم رياض يمق، ما يطرح التساؤل: إلى من نتنازل في رئاسة الاتحاد؟»، مؤكّداً أنّه «غير متمسّك بالمنصب، لكنّ الأمور لا تُعالج بهذا الشّكل».