أكّدت مصادر مطلعة أنه تم الاتفاق على تمويل شحنات الوقود لتشغيل معامل كهرباء لبنان من خلال عقد قرض (أو أي تسمية أخرى) بين وزارة المال ومؤسّسة كهرباء لبنان، على أن يقوم مصرف لبنان بتحويل المبلغ من الليرة إلى الدولار على سعر صيرفة لتمويل استيراد الشحنات.وتم الاتفاق الاثنين الماضي في اجتماع برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وحضور وزيري المال يوسف الخليل والطاقة وليد فياض وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وجرى نقاش متعلّق بتمويل شحنات الوقود التي أُطلقت مناقصات شرائها وبدأ فضّ عروضها اعتباراً من 18 تشرين الأول على مرحلتين، وانتهت الثانية أول من أمس. ما استدعى عقد الاجتماع أن الآلية التي اتفق عليها الرئيسان ميقاتي ونبيه بري في 12 تشرين الأول، وكانت تقضي بأن يجتمع مجلس النواب لإقرار عقد استقراض بين الحكومة ومصرف لبنان لتمويل الكهرباء، لم تنجح بسبب صعوبات عقد جلسة تشريعية. لذا، تقرّر الاثنين الماضي الاحتيال على القوانين والتلاعب بتسمية العمليات، لا سيما عملية سلفة الخزينة، إذ اتُّفق على أن تقوم الحكومة بإقراض مؤسّسة الكهرباء مبلغاً يوازي 300 مليون دولار يوضع في حساب الخزينة لدى مصرف لبنان المعروف بحساب الـ36، ثم يحوّل مصرف لبنان المبلغ من الليرة إلى الدولار، ويصدر بناء على هذه الأموال الكفالة اللازمة للمورّد ثم يسدّد قيمة الشحنات عند استحقاقها.
عملياً، القرض بين مؤسسة الكهرباء ووزارة المال هو سلفة خزينة، لكن الاتفاق يحتال على التسمية وعلى الأصول القانونية التي ترعى سلفات الخزينة. فالسلفة تحتاج أولاً إلى قرار في مجلس الوزراء، ثم إصدار قانون في مجلس النواب، والأمران غير متوافرين حالياً، لذا لن تسمى المبالغ التي ستعطيها وزارة المال لمؤسسة كهرباء لبنان بـ «سلفة خزينة» بل ستكون بمثابة قرض يتم بين الوزارة ومؤسسة الكهرباء، على أن تقوم هذه الأخيرة بردّ الأموال مع بدء الجباية وفق التعرفة الجديدة. أما الاحتيال الثاني فيتعلق بما يقوم به مصرف لبنان لجهة اقتصار دوره على عملية التحويل من الليرة إلى الدولار. فهذا يعني أن الدولارات التي بحوزته، وبعد استعمالها لشراء الفيول لن تعود موجودة سواء اشترى هذه الدولارات من السوق، أم كانت من الاحتياطات بالعملات الأجنبية. ومصرف لبنان يبرّر قيامه بذلك لأن المجلس المركزي سبق أن رفض تمويل شحنات الفيول بحجّة أنه لا يتحمّل مسؤولية إقراض الدولة. في الواقع، إن رفض المجلس المركزي هو ألاعيب «صبيانية» من أزلام تابعين لأنه في الحالتين لن تعود الدولارات موجودة لدى مصرف لبنان بعد تمويل الشحنات. أصلاً هذا ما قام به مصرف لبنان طوال العقود الماضية، أي أنه كان بمثابة صراف الدولة، وهذه وظيفة أساسية من وظائفه التي أنشئ من أجلها. فإدارات ومؤسسات القطاع العام لا يحق لها شراء الدولارات من السوق، بل يتوجب عليها أن تحصل عليها عبر مصرف لبنان.