ارتفع عدد حالات العنف الجنسي الممارَس ضد الأطفال، والتي تبلّغت بها جمعية حماية، خلال سنة من 8% عام 2021 إلى 11% عام 2022 حتى شهر أيلول الماضي. 51% من هذه الحالات كان المتحرّش فيها من المقربين ومحط ثقة العائلة. وقد نشرت جمعية حماية بياناتها أمس، معلنة عن رصدها تزايد العنف ضد الأطفال (بين إهمال واستغلال وإساءة نفسية وتعنيف جسدي وتحرش جنسي) خلال الثلاث سنوات الأخيرة من عمر الأزمة الاقتصادية. ففي حين سجل عدد حالات الإساءة والاعتداء على الأطفال 1981 حالة عام 2020، ارتفع الرقم إلى 2335 حالة في عام 2021، فيما سجلت 1858 حالة في العام الجاري لغاية شهر أيلول الفائت.
(هيثم الموسوي)

وتتقارب نسب العنف على مستوى الجنسين، فقد سجلت البيانات نسبة 44% للإناث و56% للذكور. فيما سجلت الاعتداءات التي يتعرّض لها الأطفال، من عمر صفر حتى خمس سنوات، 436 حالة عام 2020 بنسبة 19%، شهدت انخفاضاً طفيفاً عام 2021 مسجّلة 409 حالات، أي ما نسبته 16%، فيما سجّلت نسبة 15% حتى أيلول العام الحالي. ومن المرتقب أن تكون النسبة أعلى حتى نهاية العام.
ترتفع النسب إلى 40% من العنف ضد الأطفال للشريحة العمرية من 6 حتى 11 سنة، مسجّلة 922 حالة عام 2020، و1060 حالة عام 2021 و850 حالة عام 2022 حتى أيلول الفائت. أما من عمر 12 حتى 18 سنة فقد سجلت 935 حالة في عام 2020 ليرتفع إلى 1146 حالة عام 2021، و941 حالة في العام الجاري، بنسبة ارتفاع أيضاً 45%.
استحوذ الأطفال السوريون على أكبر نسب من الاعتداءات خلال الثلاث سنوات الأخيرة بنسبة 75% من الحالات، تلاهم اللبنانيون بنسبة 23%، أما الجنسيات الأخرى فاحتلت الـ2% الباقية. وبحسب البيانات كان مصدر العنف الأهل بالدرجة الأولى بنسبة 61%، ومن مقرّبين من العائلة بنسبة 5%، ومن العائلة الممتدة 4%، فيما بقي الجاني مجهولاً في بعض الحالات بنسبة 28%، وبنسبة 13% لم تكن العائلة على صلة بالجاني.

العنف في المناطق الفقيرة
ما تقوله الأرقام إن الأطفال في لبنان يعيشون في بيئة غير آمنة، يتعرّضون لصنوف العنف وخصوصاً في البيئات ذات الهشاشة الاقتصادية علماً أن هذه الأرقام هي فقط ما تبلغت به الجمعية. وأشارت المعطيات إلى أن مناطق عكار والبقاع الأوسط وبعلبك هي التي شهدت معدلات العنف الأكبر. وتأتي هذه البيانات بعد نحو أسبوع من اليوم العالمي لمناهضة العنف ضدّ الأطفال الذي يصادف في 19 تشرين الثاني، كمناسبة لنشر الوعي والتشجيع على التبليغ، ولا سيما أن الكثير من حالات العنف ضدّ هذه الفئة الأكثر هشاشة ما زال مخفياً ومسكوتاً عنه.
وكانت الجمعية استهلّت نشاطها أمس بعرض فيلمين تصويريين بهدف تسليط الضوء على هذه الظاهرة في لبنان، لخّص الأول تجربة شخصية لشاب تعرّض للاعتداء والتحرّش الجنسي من قبل الأب الروحي خلال طفولته. أمَا الفيلم الثاني، تحدّث عن تجربة شخصيّة لشابّة تعرّضت لتحرش جنسي خلال طفولتها من قبل صديق مقرّب للعائلة.

تأخر القضاء
وقال المدير التنفيذي لجمعية حماية، سيرج سعد، إن الجمعية تعمل على تعديل القانون 422/2002 لحماية الأطفال من كلّ أنواع العنف لناحية عدم إسقاط الجرم بمرور الزمن. مشيراً إلى أن الكثيرين من أطفال الأمس كبروا وتقدّموا ببلاغات ضد معنّفيهم ومتحرّشين لكن سقطت الدعاوى بمرور الزمن. كما تطرق لدور الجمعية في الجلسات التوعوية والتدريبية التي تقوم بها مع جهات دولية في المدارس الخاصة والتدريبات للجيش اللبناني والأمن العام والداخلي للتعامل عند الاحتكاك مع الأطفال، مشيراً إلى أن المبادرات التوعوية أثبتت فعاليتها في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع وبالأخصّ على صعيد كسر حاجز الصّمت والتبليغ وهو ما برز من خلال التبليغات التي تصل إلى الجمعية، فقد كان لافتاً على سبيل المثال ارتفاع التبليغ عن حالات العنف المنزلي من 8 إلى 24 في المئة خلال عام واحد (من 2020 إلى 2021). مشيراً إلى عقبة وهي عدم التعامل بسرعة مع كلّ حالات التبليغ نتيجة إضراب وتعطيل القضاء، فقضية تحتاج إلى ساعات تأخذ أسبوعاً فلا تحرّك إلا إذا حصلت جريمة كبيرة!