عاد وائل (اسم مستعار) ليطلب من والده أجرة الطريق لكي يذهب إلى الجامعة. هو ليس طالباً، بل مدرّب يعمل فيها منذ أكثر من خمس سنوات، إلا أنّه لا يتقاضى راتباً ولا مستحقات. قد يحصل أن يجد في حسابه جزءاً من المساعدات الشهرية (ما قيمته نصف راتب، أي ما يقارب المليون ليرة). ينهي عمله الجامعي ويتوجّه إلى عمل آخر، يتقاضى مقابلَه مليوني ليرة شهرياً "يخفّف عني طلب المساعدة من أبي". المدرّبون في الجامعة اللبنانية محرومون من مستحقاتهم المالية (مليون و800 ألف ليرة في الشهر) منذ بداية عام 2022، والسبب المعطى لهم هو اعتكاف القضاة، وعدم حضورهم جلسات هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل التي تنظر في ملفات المدربين وعقود المصالحة!
هذا الواقع لا يسري على الجميع، بحسب مصادر متابعة أكّدت أنّ المدرّبين في الإدارة المركزية للجامعة وكلية إدارة الأعمال ـ الفرع الخامس قبضوا مستحقات أشهر كانون الثاني وشباط وآذار الماضية دون باقي الكليات والمعاهد. الجامعة لم تصرف للمدربين أيضاً بدل الإنتاجية عن شهرَيْ أيلول وتشرين الأول، بسبب عدم توفر الأموال، في حين أنها صرفت للأساتذة بمن فيهم المسافرون، وهو ما تصفه المصادر بالاستنسابية، وبأن هناك صيفاً وشتاء على سقف واحد، "علماً أن بعض المسافرين يقبضون بدل نقل ومساعدات اجتماعية".
أما المساعدة الاجتماعية، التي هي عبارة عن راتب كامل، فكانت مشروطة بحضور 13 يوماً في الشهر، إذ لم تُدفع لكثير من المدربين عن أشهر نيسان وأيار وحزيران الماضية.
وتضيف المصادر أن الأمر متروك للعمداء والمديرين، يفعلون ما يريدون، إذ يحدث أن يتفق المدير مع المدرّب على الحضور يوماً واحداً، ويغطيه في اليومين الباقيين. لذا، فإضراب المدرّبين مشوب بخروق كثيرة، فمنهم، بحسب المصادر، من يخضع لتهديدات من المديرين أو يستجيبون لإملاءات الأحزاب، ومنهم من لديه مصادر دخل أخرى، وبالتالي يصعب توحيدهم حول موقف واحد. وتقول المصادر إن الكثير من المدرّبين أصبحوا يتركون الجامعة اللبنانية واحداً تلو الآخر، وهم أصحاب خبرة وشهادات.
المساعدة الاجتماعية مشروطة بالحضور إلى العمل 13 يوماً في الشهر


رئيس الجامعة، بسام بدران، يقول إنه لا يستطيع أن يصرف الرواتب من دون تغطية قانونية، علماً أن وزير العمل طلب منه أن تدفع المستحقات مشاهرة، إلا أن الوزير نفسه كان في الحكومة قبل أن تتحوّل إلى تصريف الأعمال، ولم يدافع عن إقرار العقود السنوية في مجلس الوزراء. ويصرّ بدران على ربط المساعدة الاجتماعية بالمداومة ليومين أو ثلاثة، مشيراً إلى أن عقلية "منقبض من دون ما نشتغل" لن تمرّ. وعن دفع المستحقات لمدربي الإدارة المركزية وإدارة الأعمال، يقول إن الملفات رُفعت إلى الإدارة المركزية قبل اعتكاف القضاة.
يُذكر أنّ المدرّبين، هم أشخاص استعانت بهم الجامعة بعدما كبرت وبدأ ملاكها يفرغ من الموظفين، فعهدت إليهم بمهمات التدريب المهني والإداري والفني ومساعدة الأساتذة في المختبرات والامتحانات وفي كلّ الأعمال الملحقة والمكمّلة لهذه المهمات في الكليات والمعاهد، بما فيها التسجيل، وإدخال العلامات وإعداد الإفادات والسكرتاريا والقلم. وهم فئتان أيضاً: متعاقدون بالمصالحة يتقاضون ساعات التدريب سنوياً، ومتعاقدون بالساعة بموجب عقود نظامية ويقبضون شهرياً، والفئتان تستفيدان من الضمان الصحي والاجتماعي.