في انتظار نتيجة المشاورات الجارية بين الولايات المتحدة وحكومة العدو، يمضي مسار اتفاق الترسيم البحري بهدوء من جهة لبنان الذي أرسل غروب أمس رده الرسمي مع ملاحظاته على مسودة الاتفاق التي أرسلها الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين. وقد سلّم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، مكلفاً من الرئيس ميشال عون، الرد إلى السفارة الأميركية التي نقلته على وجه السرعة إلى الوسيط الأميركي. وقد أرسل الأخير نسخة عن الرد إلى الجانب الإسرائيلي.وطوال نهار أمس، انشغلت الجهات المعنية بالملف في صياغة نهائية للرد اللبناني، على قاعدة ما تم الاتفاق عليه في الاجتماعات الرئاسية والتقنية التي عقدت في القصر الجمهوري أول من أمس، وتم التوافق خلالها على إدراج الملاحظات بصورة موحدة وترك أمر الصياغة لفريق الرئيس عون الذي استعان بمتخصصين في القانون الدولي والشؤون الجغرافية في الجيش. وبعد إنجاز الورقة، تم عرضها على الرئيس عون وعلى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي اللذين وافقا عليها، قبل إرسالها إلى الجانب الأميركي.
وبحسب مصادر معنية، فإن هوكشتين كان عملياً في أجواء الملاحظات اللبنانية. وقد تباينت المعطيات حول الانطباع الذي خرج به لبنانيون تواصلوا مع الجانب الأميركي، بين من أكد تفهّم الأميركيين للملاحظات واعتبارها قابلة للأخذ بها نظراً إلى أنها منطقية ولا تتعرّض لجوهر الاتفاق، وبين من أشاروا إلى أن الجانب الأميركي يمارس ضغطاً على لبنان لعدم «الذهاب بعيداً» في طلبات يمكن أن تنعكس سلباً على رئيس حكومة العدو يائير لابيد الذي بات الأميركيون يعلنون صراحة أنهم يفضلون فوزه في الانتخابات، بعدما «نكث بنيامين نتنياهو بتعهده للرئيس جو بايدن وأقحم ملف الترسيم في السجال الانتخابي» بحسب ما تبلّغته جهات لبنانية من الأميركيين.
على الصعيد الإجرائي، تركز الملاحظات اللبنانية على عدم الإقرار بأي حدود رسمية وعدم ربط الاتفاق بالبر، بالتالي ترك الأمور على حالها في المنطقة المقابلة لساحل الناقورة، واعتبار وضعها شبيهاً بوضع النقاط العالقة على الحدود البرية منذ رسم خط الانسحاب الأزرق عام 2000. وأكدت الورقة أنه لا اعتراف بما يسمى «خط الطفافات» الذي لا يعكس أي واقع علمي أو قانوني. وتم تثبيت أن ما يجري هو عبارة عن ترسيم لحدود المناطق الاقتصادية الخاصة بالجانبين، ولا علاقة أو تأثير لهذا الاتفاق على كل ما يتصل بالنقاط البرية، لا من ناحية رأس الناقورة ولا لجهة نقطة B1.
في حال موافقة الكابينت الإسرائيلي يفترض توقيع الاتفاق منتصف الشهر الجاري


أما في ما يتعلق بالجزء المتعلق بالعمل في حقل قانا، الذي أدرج هوكشتين اسمه في المسودة كـ«مكمن صيدا الجنوبي المحتمل»، فقد جرى الاتفاق على تسميته بحقل صيدا - قانا، وأكد لبنان أن اتفاقه مع شركة «توتال» منفصل عن أي علاقة بين الشركة الفرنسية وإسرائيل، وأن عمل «توتال» لا يحتاج إذناً من أحد، وأن لبنان ينتظر أن تباشر الشركة عملها سريعاً على أن يصار خلال فترة ستة أشهر إلى تحديد وجهة العمل وتقدير ما هو موجود في الحقل، بالتالي الذهاب نحو الحديث عن الكميات وخلافه.
يبقى أن هناك جانباً شكلياً لا يبدو أنه سيكون نقطة خلاف، وإن كان بقي كنقطة للمزايدات الشكلية، وهو المتعلق بالمرحلة الأخيرة من الاتفاق. إذ أظهرت الاتصالات أن الأميركيين لا يصرون على عقد اجتماع في الناقورة، لكن في لبنان من يريد ذلك، بالتالي سيتم الاتفاق قريباً على هوية ممثلي الجهات الأربع المعنية بالحضور إلى الناقورة، وهي لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة والأمم المتحدة، مع ترجيح أن يمثل لبنان ضابط في الجيش اللبناني. ويتوقع أن يتم الأمر قبل الخامس عشر من الشهر الجاري كما ذكر أكثر من مصدر.
وفي السياق نفسه، قال مصدر لبناني رفيع إن الخشية من حصول تطورات سلبية في كيان العدو تبقى رهن الدور الأميركي في اليومين المقبلين، لأن الآلية تقضي بأن يتسلم هوكشتين الرد اللبناني قبل مساء اليوم لتكون الحكومة الإسرائيلية في جو المطالب اللبنانية، وبما يسمح للمجلس الوزاري المصغر الذي دُعي إلى اجتماع غداً بأن يتخذ القرار ويبلغه إلى الجانب الأميركي. وفي حال حصل تجاوب فإن الأميركيين سيعمدون إلى صياغة مشروع اتفاق موحد يتم التوقيع عليه من الجانبين الإسرائيلي واللبناني مع التأكيد على أنه تفاهم لا يرقى إلى مستوى الاتفاقات أو المعاهدات الدولية.
وأوضح المصدر اللبناني أنه في حال قررت حكومة لابيد رفض المقترحات اللبنانية، فهي تعلن صراحة أنها تفتح الباب أمام موجة من التصعيد الذي لا يمكن ضبطه أو الحؤول دون تحوّله إلى انفجار عسكري وأمني على جانبي الحدود.