حاول عبود إقناعهم، طالباً منهم بأن يقوموا بتسيير الأعمال الملحّة على شهرَين، مقابل المساعدات الاجتماعيّة التي تم تقاضيها على شهرين. ولذلك، كانت ردود القضاة أكثر حدّة تجاه مطلبه الذي وصفوه بأنه كمن يطلق النار على قدميه. مضيفين «إن السلطة السياسيّة لم تعرنا اهتمامها في عز إضرابنا عكس القطاعات الأُخرى، فكيف ستقوم بتلبية مطالبنا في حال عُدنا إلى العمل، ناهيك عن الشلل الذي سيضرب السلطة السياسية بعد الفراغ السياسي». ورأوا أنّه «في حال فك الاعتكاف من دون تحقيق أي مطلب، قد يبدو القضاة كأنّهم خافوا من تهديد نقيب المحامين لهم».
حاول عبّود أن يدفع باتّجاه التصويت على إمكانيّة فكّ الاعتكاف إلا أنّ الحاضرين رفضوا بشدّة
ولأن عبود لا يريد أن «يلبس» فكرة توقيع القضاة على العريضة (وصل عدد القضاة الموقعين إلى نحو 630 قاضياً) لمناشدة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة احتساب رواتبهم على سعر صرف 8 آلاف ليرة لبنانيّة، لم يطرح هذا الأمر خلال الجمعيّة، وترك للقضاة الحديث عنها. وهم اعتبروا أن لا تعهدات تؤكّد أن العريضة أتت بنتيجة. وتشير المعلومات إلى أن الأسباب التي أفضت إلى عدم تعليق القضاة اعتكافهم هي الأجواء السلبيّة التي أشاعتها وزارة العدل وبعض أعضاء مجلس القضاء الأعلى بأنّ صيغة الـ 8 آلاف ليرة قد لا يسير بها سلامة، وخصوصاً أنّ هناك توجّهاً لدى بعض أعضاء المجلس لـ«خربطتها»، ليكون القضاة فعلياً «أكلوا الضرب».
تناوب القضاة على الكلام على مدى ساعات، ولم يتركوا مجالاً لعبود الذي حاول أن يدفع باتّجاه التصويت على إمكانية فك الاعتكاف من عدمه، إلا أنّ الحاضرين رفضوا بشدّة. وعليه، كان تمرّدهم عليه كافياً حتى يغض النظر عن مطلب العودة عن الاعتكاف، إلا أنّه لم ييأس؛ ببساطة، حاول أن يمتص غضب القضاة رغم موقفه الرافض لاعتكافهم، بتأجيل اتخاذ القرار إلى الأسبوع المقبل ولعقد جمعيّة أُخرى حتى يتبيّن القضاة ما إذا كانت صيغة الـ 8 آلاف سترى النور أو ستعرقل.
في المقابل، فإن القضاة ذهبوا أمس إلى الجمعية العمومية تماماً كذهابهم يوم الجمعة المقبل من دون لائحة مطالب موحّدة، إذ إن لكل مجموعة من القضاة سقفاً خاصاً بها. وإذا كان البعض يؤكّد أن الخلاف سيقع بين القضاة الأسبوع المقبل، فإن آخرين يؤكّدون أن الغالبيّة العُظمى ستفك الإضراب في حال قبض الرواتب على 8 آلاف.