أدرك أهالي الموقوفين في ملف انفجار المرفأ، أخيراً، فشل التسوية التي أخذها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب على عاتقه بشأن تعديل مرسوم تعيين رؤساء أصيلين لمحاكم التمييز لإعادة النصاب إلى الهيئة العامة للمحكمة، ما يعني استمرار الشلل في ملف التحقيق، بالتالي استمرار احتجاز أبنائهم إلى أجل غير مسمّى!ويمتنع رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود عن تعديل المرسوم بما يسمح للهيئة العامة لمحاكم التمييز بالانعقاد والبت في مصير المحقق العدلي القاضي طارِق البيطار والنظر في دعاوى الرد والارتياب المقامة ضده وطلبات نقل الدعوى منه المقدّمة من عدد من الموقوفين، من بينهم رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت حسن قريطم والمدير العام السابق للجمارك بدري ضاهر ورئيس الميناء في المرفأ محمد المولى، فضلاً عن الضغوط التي يمارسها عبود على القضاة، ما دفع القاضية جمال خوري إلى التلكؤ في إصدار قرار في الملف قبلَ العطلة القضائية.
وعلمت «الأخبار» من مصادر أهالي الموقوفين أنهم سينفّذون تحركاً كبيراً أمام العدلية اليوم، وأن هؤلاء باتوا أكثر توحداً بعدما حاذر بعضهم في السابق معارضة البيطار علناً بسبب الغطاء الطائفي الذي يحظى به، وخشية اتخاذه قرارات انتقامية ضد أبنائهم. وقالت المصادر إن الأهالي نفذوا الأسبوع الماضي وقفتين أمام منزلي القاضية خوري والقاضي عبود، وأن الأخير استقبل وفداً منهم، «وللمرة الألف طلب منا التريث واعداً بأنه سيبحث أمر المرسوم مجدداً في مجلس القضاء الأعلى».
فشل «تسوية» بو صعب وعدم إقدام أي قاض على اتخاذ قرار يتعلق بملف المرفأ، دفع الأهالي إلى تحرك اليوم الذي ستتبعه تحركات أخرى وتصعيد، خصوصاً بعد تقارير طبية حول الوضع الصحي لعدد من الموقوفين الذين نُقلوا إلى المستشفيات أكثر من مرة ووضع السجون التي يعيشون فيها. علماً أن هؤلاء موقوفون من دون محاكمة منذ أكثر من سنتين، وقد تحولوا إلى ضحايا الصراع بينَ السلطة والقضاء.
وتحمّل مصادر معنية رئيس مجلس القضاء الأعلى مسؤولية «التعطيل». و«التطنيش» عن طلب وزير العدل هنري خوري إجراء تعيينات في 12 مركزاً في الهيئة العامة لمحكمة التمييز، بزيادة غرفة يرأسها قاضي مسلم، بعدما امتنع وزير المالية يوسف خليل عن توقيع المرسوم لغياب التوازن الطائفي». وتؤكد أوساط «العدلية» أن قضية المرسوم «تخطّت ملف مرفأ بيروت، ففي القانون يتوجب على عبّود أن يرفع التشكيلة الجديدة، لكنه يتعامل مع المرسوم كما تعامل مع ملف التحقيقات من زاوية طائفية للاستثمار فيه لاحقاً». واستغربت إصرار عبود على التعطيل «رغم أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي دعا عبود في لقاء معه إلى اتخاذ أي خطوة لتسريع وتيرة الملف أو تحريكه من جديد». أمام هذا الواقع الذي يتحمّل مسؤوليته رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي سبَق أن أفشل الوصول إلى اتفاق حول المرسوم في جلستين سابقتين للمجلس، توقعت المصادر أن «يشهد ملفا الموقوفين وأهالي الضحايا تطورات ساخنة وتحركات في الشارع»، وأن هذا الأمر «لا بدّ سيواكب بتحرك سياسي أو قضائي في حال تطوّر».