أنهت الجماعة الإسلامية انتخاباتها الداخلية لاختيار أعضاء مجالس شورى المناطق الأسبوع الماضي، على أن تعقد خلال أيام جلسة انتخاب الأمين العام الجديد خلفاً لعزام الأيوبي بعد ولايتين متتاليتين.انتخابات الشورى أطاحت أسماء كانت تملك حظوظاً مرتفعة، و«عوّمت» آخرين. صحيح أن الفشل في الوصول إلى مجالس الشورى غير مرتبط بشكلٍ مباشر بانتخابات الأمانة العامة، لكنه يعطي مؤشراً إلى مدى قدرة المرشح على الحصول على أصواتٍ داخل «الشورى».
الشيخ أحمد العمري أحد هؤلاء، إذ لم يحصل على أصواتٍ كافية تخوّله الوصول إلى عضويّة مجلس الشورى في بيروت رغم أنه كان من بين أكثر الأسماء المتداولة إعلامياً لخلافة الأيوبي. والأمر نفسه ينسحب على المرشح الثاني سامي الخطيب (البقاع)، وعلى قياديين بارزين آخرين، من بينهم غسان حبلص (القلمون)، وهو من المحاربين القدامى وقد ساد التوتر علاقته مع الأيوبي في فترةٍ سابقة، ونائب الأمين العام السابق مصطفى خير بعد ابتعاده بسبب وضعه الصحي.
وفيما يلعب «اللون السياسي» داخل مجالس شورى المناطق دوراً في تحديد هوية الأمين العام الجديد، يشير البعض إلى أنّ غالبيّة الأعضاء المنتخبين في «الشورى» مقربون من حركة حماس ومن «جو المقاومة». إلا أن مسؤولين في الجماعة ينفون ذلك تماماً، على قاعدة أن «كل المنتمين إلى الجماعة مقرّبون من حماس»، مشددين على أن «لا أجنحة إقليمية داخل الجماعة»، وعلى أن «الاعتبارات التي يتم فيها خوْض الانتخابات لا علاقة لها بالمحاور الإقليمية. البُعد الداخلي للقياديين داخل الجماعة هو الوحيد الذي يتحكّم بعملية الانتخاب، وليس البُعد السياسي أو الإقليمي».
مصادر مطلعة قرأت في النتائج ترجيحاً لكفة الشيخ محمد الشيخ عمار الذي كان اسمه مطروحاً منذ البداية إضافة إلى اسميْن آخرين يتم تداولهما داخل بعض المجموعات. انتخاب الشيخ عمّار، إذا حدث، سيكسر التقليد السائد بانتخاب أمين عام من الشمال (فيصل المولوي، فتحي يكن، إبراهيم المصري، عزام الأيوبي)، الذي يُعدّ الخزان البشري الأساسي للجماعة ويضم أكبر عدد من الأعضاء في مجلس الشورى مقارنةً مع بقية المناطق. ويُعزى ذلك، بحسب متابعين، إلى أن لا أسماء شمالية بارزة وذات خبرة سياسية تؤهلها للترشّح للمنصب، وأن الوحيد الذي كان مخوّلاً لذلك، هو أسعد هرموش الذي صار خارج التنظيم بعد الانتخابات النيابية في 2018.

من هو الشيخ عمّار؟
ابن صيدا من الجيل الوسطي للجماعة، أي أنه لا ينتمي إلى الرعيل الأوّل المؤسس (يكن، المولوي...) ولا إلى الرعيل الثاني، أي الجيل الشاب الذي يُحسب الأيوبي عليه. وهو راكم خبرةً في العمل التنظيمي الداخلي الذي تدرّج في مسؤولياته، حتى شغل منصب نائب الأمين العام، ومن ثمّ منصب رئيس مجلس الشورى (المجلس التشريعي). ويؤكّد متابعون أن الشيخ عمّار يمتلك «كوتا» لا بأس بها من المؤيدين لوصوله، وهو ما بدا واضحاً قبل ثلاث سنوات عندما خسر بفارق صوت واحد أمام الأيوبي.
الترويج بأن الشيخ عمّار سيكون مقرّباً من حزب الله، يردّ عليه عارفوه بالتذكير بمواقفه لا سيّما تلك التي تتعلق بـ«الثورة السورية». لكنهم يؤكدون أنه «من المقتنعين بضرورة إجراء حوار أكثر جدية وعمقاً مع الحزب، ومن المؤمنين بأن القضايا الخلافيّة بين الطرفين لا يجب تجاوزها أو طمرها، بل وضعها على الطاولة للاتفاق عليها». وهذا ما يشي بأن علاقته مع حزب الله، في حال وصوله، «ربما تكون أصعب من علاقة الحزب مع الأيوبي الذي أيد في المرحلة الأخيرة عدم إثارة المسائل الخلافيّة والإبقاء على العلاقة مفتوحة بطريقة عابرة»، لافتين إلى أنّ الشيخ عمّار «أكثر جرأة وصراحة في طرح المسائل وكان ممن خاضوا حواراً مع حزب الله عبر الشيخ نبيل قاووق كونهما كانا مسؤولَي منطقة صيدا في حزبيهما».
الشيخ عمّار من المقتنعين بضرورة إجراء حوار أكثر جدية وعمقاً مع حزب الله


في المقابل، يعتبر آخرون أن الشيخ عمّار ليس الشخص المناسب لهذا المنصب، كونه «ذا خلفيّة دعوية - دينية - مسجديّة ويندر أن تكون له إطلالات إعلامية أو اتصالات سياسية، ما سيترك انطباعاً مختلفاً عما يريده أبناء الجماعة الذين يرغبون في أن يكون الأمين العام شخصية سياسية مُحنّكة وقادرة على التواصل مع الجيل الشاب، لا شخصية دينية في العقد السابع من العمر». وعليه، يشير متابعون إلى إمكانية أن يكون لدى أعضاء الشورى، وتحديداً أصحاب القرار، خيار آخر لن يُعلن عنه إلا في الدقائق الأخيرة، مع الإشارة إلى أن هذه الشخصية ربما لن تكون من قياديي الصف الأول أو من الأسماء البارزة، ما يُمكن أن يشكل مخرجاً. ويشير البعض إلى أن من بين الأسماء المطروحة داخل الغرف المغلقة رئيس المكتب السياسي علي أبو ياسين (خلف النائب عماد الحوت بعد انتخابه نائباً) رغم عدم خبرته السياسية خارج نطاق منطقته في البقاع.