أول من أمس، سقطت آخر الصوامع في الجهة الشمالية لمبنى أهراءات مرفأ بيروت. ثلاث انهيارات متتالية، استحالت بعدها تلك الجهة ركاماً، ولم يبق سوى الصوامع الست في الجهة الجنوبية للمبنى. خلّف السقوط الأخير كميات هائلة من الغبار وانفجارات صغيرة أحدثتها الجيوب الغازية التي تكوّنت فيها على مدى فترات طويلة من التخمّر. لكن، لحسن الحظ في تلك اللحظة أن حركة الرياح «كانت جنوبية غربية فسيّرت الغبار نحو البحر ما حمى من موجة من الفطريات والسموم»، بحسب مستشار وزير البيئة ورئيس اللجنة العملية لمعالجة الحبوب في أهراءات مرفأ بيروت، محمد أبيض.عملياً، انتهى اليوم جزء من «الحمل» الثقيل، لكن معالجة ما تبقى «ليست بالأمر السهل»، يقول أبيض. ثمة أمران يحتاجان للمعالجة وكانا محور الاجتماع الطارئ الذي عقد أمس بين وزراء البيئة ناصر ياسين، والأشغال العامة والنقل علي حمية، والاقتصاد أمين سلام: أوّلهما الركام الذي خلّفته صوامع الجزء الشمالي الثمانية، وثانيهما تقييم وضع الجهة الجنوبية.
وفي هذا السياق، يشير أبيض إلى أنه من المفترض أن ينتقل ممثلون عن برنامج «UN habitat» (برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية) الذين تواجدوا في الاجتماع مع عدد من الجهات المانحة إلى المكان لإجراء دراسة تقييم أثر بيئي للركام الموجود «لمعرفة ما إذا كانت صالحة وبالإمكان الاستعانة بها لردم الحفرة التي خلفها انفجار المرفأ».
تقرر تكليف شركة خطيب وعلمي إعادة مراجعة دراستها حول الأهراءات


أما في ما يخصّ مصير الجهة الجنوبية، والتي كانت محور اجتماع أمس، فقد انحصر النقاش في نقطة واحدة وهي إمكانية التدعيم. لم يكن ثمة مجال «لتوسيع البيكار»، بحسب أبيض، خصوصاً بعد كتاب رئاسة الحكومة الذي أُرسل قبل الاجتماع، وحمل دعوة واضحة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، للإبقاء «على الصوامع القائمة في الجهة الجنوبية لمبنى أهراءات القمح في المرفأ والمحافظة عليها كمعلم تاريخي تخليداً لذكرى الشهداء». إلا أن الطريق المعبّدة أمام الترميم لم تجعل النقاش سهلاً، خصوصاً أن مصير هذا الخيار محكوم اليوم بأمرين أساسيين لا يملك المجتمعون عنهما جواباً، وهما: إمكانية الترميم، أي ما إذا كانت الأرض هناك تسمح بدخول العمال والآليات للعمل، ومدى ثبات الصوامع والكلفة وهي تلك التي لا تملك الدولة منها فلساً واحداً. ولهذا السبب، وقبل «البصم» على كتاب ميقاتي، قرر المجتمعون تكليف وزارة الأشغال العامة والنقل شركة «خطيب وعلمي» إعادة مراجعة الدراسة التي كانت قد قامت بها حول الأهراءات لتأكيد الإجابة حول إمكانية التدعيم من عدمه، إضافة إلى تقديم معطيات حول الكلفة.
من جهة أخرى، تعمل وزارة البيئة على تبريد الموقع والحبوب المتبقية في الصوامع، وإعداد دراسة «تقييم بيئي للموقع والردميات وتأمين معالجة الحبوب الموجودة»، يقول أبيض. وكان الأخير قد قدّم خلال الاجتماع طرحاً يقضي بهدم بعض الصوامع في الجهة الجنوبية التي يخزّن فيها القمح (بحدود 3500 طن من القمح)، إلا أن الطرح لم يحظ بالنقاش، بانتظار دراسة شركة خطيب وعلمي «كي يبنى على الشيء مقتضاه».