بين 1982 و2022 أربعون سنة مرّت خلالها عشرات الاحياءات. لم تتغيّر طرق الاحتفال خلالها كثيراً. الاجراءات الأمنية على حالها، كلّما اقتربت أصبحت متشددة أكثر. والناس كذلك كحال طرقات الضاحية الجنوبية، لا تهتم كثيراً بالسّاحات التي تبدلت خلال السنوات الماضية من ساحة الشورى إلى المريجة ومن بعدها ملعب الراية الذي صمد طويلاً، والآن باحة عاشوراء. الزحف البشري هو نفسه، مشاعره تحاكي الاحتفال، في الأمس كان مستبشراً فرحاً وكأنّ كلّ منهم هو المعني شخصياً بالاحتفال.

الاحتفال بدأ ببث الأناشيد القديمة محاكياً مشاعر الحماسة الأولى مع مشهد جنتا وأنشودة «الجهاد الجهاد»، ورغم التأخير الكبير الذي طرأ على برنامج الحفل لأكثر من ساعة، الناس لم تمل. صرخات التلبية والصلوات لم تتوقف. والسّبب في ذلك كانت تلك المادة البصرية المحبّبة لجمهور المقاومة، هي الأناشيد الأولى التي تعيد إلى الذاكرة أيام المواجهات، وسيارات «الفولفو» التي تعلوها مكبرات تجول في الاحياء تبث الأناشيد، وتدعو للتبرع للمقاومة بعد كلّ عملية.
هو للمستضعفين والمظلومين، 50 دقيقة تناوبت فيها الأساليب الفنية المسرحية التمثيلية مع مؤثرات صوتية وضوئية حاكت فيها تجربة المقاومة وشعبها. هذا العمل المشهدي الجديد لوحدة الأنشطة الاعلامية في حزب الله، حاولت فيه سرد سياق تاريخي للحقبات التي مرّت على المقاومة منذ نشأتها، ونجحت في ذلك. يحاكي العمل المشاعر في كلّ فصوله، وفي كلّ مرّة يتكلّم فيها عن شهيد استعملت تقنية «الهولوغرام» لتجسيده على المسرح أمام الجمهور في واحدة من أهم خطبه. شاهد أبناء الألفية الجديدة الشيخ راغب حرب متكلماً عن «الاستهزاء بالاحتلال». هذه التقنية جعلت البعض يبكي مجدداً راغب وينشد «ليته كان في الحاضرين». ثمّ تكلّم السّيد عباس الموسوي حول «حفظ المقاومة الاسلامية»، واختتمت بكلام عماد مغنية عن «أهمية الروح المقاتلة». وخلال هذه المشاهدات لم يكن ممكناً إخفاء الدموع في المحاجر لا سيّما بين الجرحى. هؤلاء شاهدوا قادتهم يتكلمون إليهم فقال أحدهم «اشتقنالك يا حاج عماد» قبل أن يخفي عينيه بيديه.