دلّت المؤشرات الأمنية الى «تحسن طفيف» خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2021. وأشارت إحصاءات قوى الامن الداخلي الى «تراجع» عدد السيارات المسروقة وجرائم السرقة وارتفاع في أعداد القتلى وحالات الانتحار. اذ افيد عن «تراجع عدد السيارات المسروقة بنسبة 6.3% وتراجع حوادث السرقة بنسبة 6.5%». وقد يكون مفيداً التذكير هنا ان هذه الإحصاءات مبنية على تقارير أمنية من المفارز والمخافر في مختلف انحاء البلد، وان مصدر المعلومات عن الجرائم هو، في معظم الحالات، الشكوى التي ينقلها ضحاياها الى الشرطة. وبالتالي فإن الإحصاءات تتناول نسبة شكاوى الضحايا لا نسبة أنواع الجرائم المرتكبة. ولا بد من التوضيح ان جرائم السرقة التي وقعت ولم تعلم بها قوى الامن لا يمكن ان تحتسب من ضمن هذه «المؤشرات الأمنية». يعني ذلك ان هذه «المؤشرات» تتعلق بنسبة الشكاوى المسجلة لدى القوى الأمنية التي فتح على أساسها محضر رسمي تمهيداً لمتابعتها قضائياً. أما عدم نقل الضحية الشكوى الى القوى الأمنية أو النيابة العامة أو عدم قيام قوى الامن او النيابة العامة بتسجيل الشكوى، فيؤدي الى عدم احتساب الجريمة. وفي ظل الوضع الاقتصادي المتهالك وتفاقم ازمة رواتب الشرطة والجسم القضائي والنقص الحاد في الموارد يرجّح تراجع العمل الجدي والدقيق لاحتساب الإحصاءات حول الجريمة في لبنان. أما الانتحار وحوادث وجرائم القتل فان تسجيلها اكيد لدى القوى الأمنية حتى لو لم يتقدم ذوو الضحية بشكوى. إذ لا يمكن تجاهل موت أو اختفاء انسان، وبالتالي يرجح ان تكون المؤشرات التي تدل الى زيادة عدد القتلى بنسبة 18.3% والى زيادة عدد حالات الانتحار بنسبة 7.8% (بالرغم من ان القضاء هو الجهة المخولة حسم تصنيف أسباب ودوافع الوفاة بعد ختم التحقيقات) اكثر دقة من نسب جرائم السرقة.وكانت نسب جرائم السرقة المسجلة لدى قوى الامن قد ارتفعت بشكل كبير خلال الأعوام الأولى التي تلت انتهاء جولة الحرب الاهلية عام 1990، ليس بسبب ارتفاع عدد السرقات اكثر من عددها خلال الحرب، بل لأن المخافر والقوى الأمنية عادت الى العمل بعد الحرب وعادت الى تلقي الشكاوى وفتح محاضر تحقيق فيها، بينما لم يكن ذلك متاحاً خلال الحرب. في المقابل ما يمر به البلد اليوم هو العكس بحيث يتعذر قيام قوى الامن والدوائر القضائية بواجباتها كاملة بسبب حرب من نوع آخر. حرب مدمّرة لما تبقّى من مؤسسات الدولة اللبنانية.