لم يُثر خبر «احتجاز رهائن»، كما كرّرت أكثر من وسيلة إعلامية أمس، أيّ حالة هلع لدى سكان شارع سوراتي في منطقة الحمرا. هنا في الشارع الذي يقع عند زاويته فرع لمصرف «فيدرال بنك»، يسمون ما حصل أمس «استعادة حق» وليس «احتجاز رهائن». أن يدخل مودع إلى مصرف، يُغرقه بالبنزين، ويحمل سلاحاً محتجزاً عدداً من الموظفين والمودعين للمطالبة بوديعته التي سيعالج بها والده، هو الخبر الذي بات ينتظر سماعه الكثيرون... «منذ سنتين وليس اليوم»، تقول إحداهنّ.على امتداد الشارع، يتناقل المقيمون القصة. منهم من يروي مفاخراً قصة «قبضاي جاء ليسترّد حقه»، ومنهم من ينقلها بأسف «لما أوصلوا الناس إليه». لكن الأكيد أن لا خوف من شاب «يحق له أن يفعل أيّ شيء ليحافظ على حياة والده». الخوف ارتسم فقط على وجه شابة تنتظر سماع خبر عن والدها المحتجز في الداخل. تقول لأحدهم «كيف لا أخاف وهو يحمل السلاح ويهدّد بإحراق المصرف؟». فيطمئنها أكثر من شخص بثقة، وكأنّهم يعرفون المقتحم شخصياً، «من يطالب بحقه ليس مجرماً. لو كان يريد أن يؤذي أحداً لفعل ذلك مباشرة».

اقتحام المصرف
قرابة الساعة 11 صباحاً انتشر خبر اقتحام المودع بسّام الشيخ حسين فرع «فيدرال بنك» في الحمرا، ومطالبته باسترداد وديعته محتجزاً مدير الفرع وخمسة موظفين ومودعَيْن. وفي وقت مبكر سُمح لأحد المودعين بالخروج بسبب وضعه الصحي ليبقى ستة أشخاص في المصرف. وبينما كانت القوى الأمنية تهرع إلى المكان، وتقفل الطرق المؤدية إلى شارع الصيداني - سوراتي، كان الناس الذين بدأوا بالتوافد إلى المكان يتناقلون الفيديو الذي يظهر الشيخ حسين داخل المصرف ويتكهنون حول اسمه ومطالبه. في البداية تجمّع المقيمون، لكن سرعان ما توافد المتضامنون معه إلى المكان، وبدأوا بإطلاق هتافات «يسقط يسقط حكم المصرف»، «نحنا رجالك يا بسام»، «لا منخاف ولا منطاطي، حزب المصرف ع صباطي»، «كل الشعب عم يهتف اضرب احرق فجّر مصرف».

مواقف متضامنة
في المكان تتعدّد الآراء لكنها تتفق على نصرة الشيخ حسين. تأسف مودعة ستينية لأن «قلة فقط جاءت لتناصر هذا الرجل الحقيقي... يجب أن يقف مليون مودع هنا إلى جانبه. أموالنا العالقة في البنوك هي شقاء عمر بأكمله. يعطوننا أموالنا بالقطارة وعلى دولار 8000 ليرة». ويبرّر أحد عناصر القوى الأمنية لبسّام خطوته «لو أنني أملك 10 آلاف دولار في البنك لفجّرت البنك. اللي بياخد مالك خود روحو».
أحد المهندسين بات يفكر في تكرار ما قام به بسّام «نعم، سأفعل مثله، لأن من يحكموننا حرامية وكاذبون. نرفع دعوى أمام القضاء فنجد أنه مرتش ومتواطئ مع البنوك. لو أن القضاء أنصف الناس بأحكامه لما وصلنا إلى هنا. ما يحصل مسؤوليته على القضاء، إما أن يتصدّوا للظلم أو أن يجلسوا جانباً ويتركوا الناس تأخذ حقوقها بأيديها».
قد يبقى موقوفاً حتى الثلاثاء موعد تسليم المحضر إلى النيابة العامة


يتخوّف أحد موظفي «بلوم بنك» من إقفال المصارف لأبوابها مجدداً إذا أخذ أمواله «المصارف يريدون أدنى حجة ليقفلوا». وفي حين يعترف أن المودعين مظلومون «لكن الموجودين في البنك موظفون لا ذنب لهم. يتعرضون للخطر ولا توجد أموال في البنوك».
من جهته، يؤكد المحامي جورج خاطر، من تحالف «متحدّون من أجل حقوق المودعين»، حق المودع الوصول إلى حقه بأيّ ثمن: «والده يموت في المستشفى فيما يمارس البنك بحقه التعسف والاستحقار». يرى خاطر أن الشيخ حسين في حالة دفاع مشروع عن النفس «وفق المادة 184 من قانون العقوبات في الدفاع عن نفسه وماله ومال الغير فهو بذلك يملك مبرّراً قانونياً يعفيه تماماً من أي مسؤولية كما حصل مع عبد الله الساعي في البقاع الذي حصل على وديعته كاملة وأطلق سراحه لاحقاً. ونتمنى أن يصل للنتيجة نفسها ومعه كل المودعين في البلد». ويتوقع خاطر أن يتكرّر ما حصل اليوم مع مودعين آخرين «ونحن حذّرنا القضاء من هذا الأمر، قلنا لهم ستصبحون أنتم في وجه الناس مباشرة».

عملية التفاوض
وكانت رابطة المودعين قد انضّمت إلى المتضامنين، وأُعلن عن تفويض رئيسها حسن مغنية إدارة عملية التفاوض التي انطلقت بداية بعرض 10 آلاف دولار على الشيخ حسين فرفض. وبعد وقت، انتشر خبر عن عرض بقيمة 30 ألف دولار، قيل إن الشيخ حسين رفضه أيضاً مؤكداً على طلبه استرداد كامل الوديعة «لكن ضغوطاً تعرّض لها من أفراد عائلته، حلّفته بصحة والده، جعلته يلين ويوافق».
لا معلومات تفصيلية عن الاتفاق الذي تمّ، والذي أتاح عند السادسة مساء خروج الموظفين بداية، ثم بسّام الشيخ حسين الذي توجّه إلى سيارة بيضاء كان شقيقه موجوداً فيها، فسلّمه المبلغ، قبل أن يغادر مع شعبة المعلومات. وقد حاول المتضامنون معه، الذين ارتفعت أعدادهم في ساعات بعد الظهر، الاشتباك مع القوى الأمنية لمنع خروجه مكبّل اليدين لكنهم لم ينجحوا.

المسار القضائي؟
المحامي حسن بزي، الذي أبدى استعداده للدفاع عن بسّام، أكدّ حصول الأخير على 30 ألف دولار تسلّمها منه شقيقه قبل أن يغادر مع عناصر من شعبة المعلومات. ويتوقع أن يبقى موقوفاً لدى الشعبة حتى يوم الثلاثاء موعد تسليم المحضر إلى النيابة العامة، «لأن الاثنين هو يوم عطلة رسمية تلي عطلة نهاية الأسبوع». يتوقع بزي أن يُتهم الشيخ حسين بارتكاب جنايتين وجنحة على الأقلّ: السطو المسلّح، حجز حرية، استيفاء الحق تحكماً، لكنه يطمئن في المقابل إلى أن الدفاع عنه سيستند إلى المادة 184 عقوبات المتعلقة بحق الدفاع عن النفس «والتي استوفت كلّ شروطها في حالته»، متخوّفاً في المقابل من أن لا يكون الشيخ حسين قد وقع على استلام الوديعة، فيتهمّ بـ«السطو بقوة السلاح».
أما بالنسبة إلى مستقبل بقية الوديعة فيؤكد بزي أنها «قائمة، وفي حال أقفل حسابه كما هو متوقع لا مشكلة لأننا خضنا أكثر من معركة قضائية لإعادة فتح الحساب وانتصرنا بها، وهذا ما سنفعله».



محاولات سابقة
• حسن مغنية، أقدم في نيسان 2020 على إقفال فرع «بنك لبنان والمهجر» في صور، وعلّق على بوابة مدخله لافتات كتب عليها «باسم الشعب اللبناني تم إقفال هذا الفرع حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً». انتهى الأمر بتسليمه وديعته بعد تدخل القوى الأمنية. أسّس لاحقاً «جمعية المودعين اللبنانيين».
• عبدالله الساعي، اقتحم في 18 كانون الثاني 2022، فرع بنك بيروت والبلاد العربية في جبّ جنين، مهدّداً بإحراق الفرع بالبنزين ومطالباً باسترداد وديعته البالغة قيمتها 50 ألف دولار. وبعدما حصل عليها وسلّمها لزوجته، أوقف نحو 16 يوماً ثم خرج بحكم قضائي.