فعلتها رابطة التعليم الثانوي وأعادت مشهد العام الدراسي الماضي نفسه. أصدرت بياناً في 18 تموز الفائت أعلنت في نهايته «الطلب من المدراء عدم الحضور إلى الثانويات ودور المعلمين ومراكز الإرشاد والمركز التربوي، والتوقف عن كلّ الأعمال الإدارية». ثمّ عادت وأكّدت على هذا التوجه في اللقاء العام للروابط الذي عُقد أمس مع وزير التربية عباس الحلبي. الأخير أكّد عدم قدرة الدولة على تعديل الرواتب، واستمراره في التفاوض مع الدول المانحة لدعم إطلاق العام الدراسي، مصارحاً بوجود صعوبات تواجه عملية التفاوض هذه.تطوّرات لم تغيّر شيئاً في قرار الرابطة التي كانت قد أكّدت «عدم القدرة على إطلاق عام دراسي جديد» في ظلّ عدم الجدية في تصحيح الرواتب والأجور. إذاً لا تسجيل في الثانويات. ولكن هذا لم يكن صوت الأساتذة والمندوبين، الذين طلبوا سحب الثقة من الهيئة الإدارية أو استقالتها، لا إقفال الثانويات خلال «العطلة الصيفية» ووأد العام الدراسي المقبل.

الرابطة من الداخل
داخل رابطة التعليم الثانوي رأيان، يتفقان على ضرورة التحرّك، ويفترقان على الشكل. الأوّل مع التوجه المتخذ بالإضراب من الآن وحتى تحقيق المطالب. أصحاب هذا الرأي يرفضون التصريح لـ»الأخبار». الرأي الثاني يرى أنّ التوجه نحو الإضراب الآن وإيقاف التسجيل سيؤدي إلى إفراغ الثانويات من تلامذتها، وإعطاء المدارس الخاصة هدايا مجانية. إعادة مشهد عام 2021 ستدمّر العام الدراسي قبل انطلاقه. كما وتضع أصحاب هذا الرأي أمام مشكلة عدم التزام المكاتب التربوية في الأحزاب بألف باء العمل النقابي. «لا نقاش، نفّذ فقط». ويضيفون «نذهب إلى الاجتماعات من دون تنسيق في المواقف أو استشراف للمستقبل».

(أرشيف ــ الأخبار)

مدير ثانوية كفرا فؤاد إبراهيم من أنصار التوجه الثاني الرافض للإضراب. قام بتطبيق قناعته على الأرض فعلاً. فتح ثانويته للتسجيل، ودعا كلّ المدراء لـ»عدم الامتثال لهذا التوجه غير الحكيم، ورفض تقديم هدايا مجانية للمدارس الخاصة عبر مقاطعة بداية العام الدراسي، ما سيؤدي إلى تسرّب من تبقّى من التلامذة في المدارس الرسمية». يقول إبراهيم: «نشتمّ رائحة المؤامرة على التعليم الرسمي». ثمّ يسأل عن سبب عدم «الاستثمار والتوظيف في استحقاقات سابقة، مثل الامتحانات الرسمية، إذ كان بالإمكان عندها إمساك الغني والفقير لتحقيق المطالب».
التوجه الرافض لإغلاق المدارس تبنّته رابطة التعليم الأساسي. رئيسها حسين جواد يؤكّد «عدم الرغبة في إثارة الريبة لدى الأهالي». وعليه، المدارس مفتوحة للتسجيل خلال كلّ الفترة الممتدة حتى شهر أيلول المقبل. «إنها فترة سماح» يسميها جواد ستترافق مع جولة لقاءات للكتل والأحزاب للوصول إلى تحقيق نفس ما ورد في بيان رابطة التعليم الثانوي. ويشير جواد إلى أنّ تحقيق المطالب «يمرّر العام الدراسي القادم بسلاسة ودون منّة من أحد». وفي حال لم يتحقق شيء، فـ»العام الدراسي الماضي مرّ بصعوبة بالغة» ولا يمكن الاستمرار براتب لا يكاد يكفي «أول ثلاثة أيام من الشهر».
رأيان داخل الرابطة: الأوّل مع الإضراب والثاني يخشى من إفراغ الثانويات


إلى ذلك، اجتمع مدراء الثانويات في منطقة بنت جبيل وقرّروا الاستمرار في التسجيل، وفتح مدارسهم خلال الدوام الإداري بغية تأمين انطلاقة طبيعية للعام الدراسي. يأتي هذا التحرّك بعد قيام عدد كبير من المدارس الخاصة في المنطقة بتقديم عروض لذوي التلامذة لسحب تسجيلهم من المدارس الرسمية والتوجه صوبهم. الأمر انسحب أيضاً على عدد من ثانويات منطقة صور وعكار بحسب مصادر جريدة «الأخبار».

تحرّك المندوبين
في المقابل، لا يكلّ بعض مندوبي رابطة التعليم الثانوي من مطالبة الهيئة الإدارية بالاستقالة. وبعد اللوائح الإلكترونية التي لم تجد نفعاً في تغيير شيء استغلّوا وجود الأساتذة في مراكز التصحيح وطلبوا من الراغبين منهم عبر مجموعات الواتسآب، والتواصل الشخصي، التوقيع بالاسم على عريضة لسحب الثقة من الهيئة الإدارية في الرابطة. ولكن كلّ ضجيج الأساتذة على ساحات التواصل الافتراضية بقي افتراضياً، ولم يوقّع سوى 96 مندوباً من أصل 571 على كامل الأراضي اللبنانية. الضعف يردّه أحد الأساتذة المنظمين للمبادرة حسن قمر إلى «علنية التوقيع»، ما يؤدي إلى «معرفة رأي كلّ أستاذ، بالتالي وقوعه في الإحراج مع الجهة الحزبية التي يتبع لها». ويزيد قمر سبباً مستجداً يتمثل بـ»انشغال الأساتذة بأعمال أخرى غير التعليم تحقّق مردوداً جيداً، وعليه لا يعبأون بالمطالب النقابية». إذاً يمكن القول إنّ الولاء الحزبي، الأكبر من الولاء للوظيفة يؤدي إلى ضرب الأخيرة، وإغراقها في زواريب العمل السّياسي دون تقديم أي مكتسب.